+ A
A -
مع حلول شهر يناير تأتي ذكرى اندلاع ثورات الربيع العربي في يناير من العام 2011، وفي هذا الشهر يصادف العام السادس لتلك الثورات التي نجحت الثورات المضادة في كل من مصر وتونس في إجهاض مؤقت لها، بينما مازالت الحرب مشتعلة في كل من سوريا واليمن وليبيا، ورغم نجاح الثورة في اليمن في الإطاحة بالمخلوع علي عبد الله صالح، إلا أنها تخوض حربا ضارية ضده وضد الحوثيين.
وفي ليبيا تبدو المعركة متشابكة ومعقدة وبها أطراف كثيرة. أما في سوريا فقد نجحت المعارضة في النهاية في أن تجبر النظام وروسيا على الاعتراف بها كخطوة أولى على طريق طويل للتضحية والانعتاق.
ورغم أن بعض المراقبين يعتبرون الثورات العربية قد ذهبت إلى غير رجعة، وأن الثورات المضادة نجحت في إخمادها، إلا أن حقيقة الوضع بخلاف ذلك، فكثير ممن دعموا انقلاب السيسي بدأوا في الانفضاض من حوله بعدما أخذ يجر مصر من مصيبة إلى أخرى، ومن فضيحة إلى أكبر منها، وأصبح أضحوكة البرامج السياسية الهزلية في الفضائيات الدولية، كما أن رؤساء الدول المحترمة أخذوا يتجنبون استقباله، ولم ينجح السيسي منذ قيامه بانقلابه في تحقيق أي من وعوده، بل إنه كلما انقضت مهلة يطلب من الشعب مهلة أخرى، فيما تزداد الأوضاع سوءا في ظل بداية تآكل النظام من داخله، ودخوله في صراعات وتصفيات داخلية، وفي تونس عادت الدولة العميقة للحكم ولم يتم حل أي من المشكلات التي قامت الثورة من أجلها، وفي كلا الدولتين فشل الإسلاميون في أن يكونوا أمل الناس في الحل، وعجزوا أن يشكلوا بديلا، ووقعوا في أخطاء لا تقل فداحة عن أخطاء الأنظمة التي قامت الشعوب بالثورة عليها، وبينما تكافح الثورة في كل من ليبيا وسوريا واليمن عسكريا، فإن كل الدول والأنظمة الديكتاتورية علاوة على الدول الغربية لا تريد لأي من هذه الثورات، أن تنجح لأن نجاحها يعني بداية انعتاق الشعوب من حكم الأنظمة المستبدة ومن ثم امتلاكها قرارها، وهذا يعني تغيير المنطقة كلها، لذلك فإن المنطقة برمتها تخضع لمؤامرة دولية كبيرة تهدف إلى إخماد تلك الثورات، وإجبار هذه الشعوب، التي سبق وقادت العالم لقرون، أن تبقى تحت ربقة الاستبداد، حتى تبقي للغرب هيمنته، وللشرق مخططاته، لكن الذي لا يدركه كثيرون أن الثورات على مدار التاريخ تختلف عن الهبات الشعبية أو الانتفاضات، فالثورات عبارة عن موجات، وما حدث قبل ست سنوات كان الموجة الأولى، وما أعقبها هي سنوات انحسارها، وفي فترة الانحسار تستجمع الموجة قوتها حتى تعود أشد من الأولى، وهذا ما يجري الآن حيث يزداد الغضب وتتبلور موجته الجديدة، التي ربما تضم أقطارا أخرى وأجيالا أخرى ربما لم تشارك في الثورات السابقة، والجميع يحدوه الأمل في أن تحقق ثورات الربيع العربي ما قامت من أجله ولو بعد حين.

بقلم : أحمد منصور
copy short url   نسخ
05/01/2017
46426