+ A
A -
بعد توقيع اتفاق الهدنة المعارضة السورية والحكومة السورية بمساعدة ضامنين هما روسيا وتركيا، تدخل الأزمة السورية مرحلة جديدة من حيث التفكير بمسار سياسي ينهي شلال الدم غير المتوقف منذ حوالي خمس سنوات. يبدو أن ثمة مرحلة جديدة من التنسيق بين المؤثرين الخارجيين في الملف السوري. مرحلة تبدو إيران في مكانة حرصت على تجنبها كثيراً لا سيما أمام تركيا.
اتفاق الهدنة تم التوصل اليه بعد أيام من اجتماع ثلاثي في موسكو بين وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران. وهو الاتفاق الذي التزمت فيها الأطراف الثلاثة بضمانة وحدة الأراضي السورية وكذلك العمل نحو مسار سياسي ينهي حال القتل المتواصلة وكذلك مواصلة الحرب على الإرهاب. ما ظهر بعد اعلان اتفاق الهدنة والذي تم عبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن إيران كانت مغيبة عن هذا الاتفاق، وأن الحديث حولها يأتي في إطار أحد اللاعبين الذين يجب أن يلعبوا دوراً في الالتزام بتنفيذ الهدنة عبر إلزام الميليشيا التي تعمل معها بما فيهم حزب الله. كما تم الحديث عن إيران في إطار ضمانة روسية، بعبارة أخرى روسيا بمثابة الضامن لإيران والنظام السوري والميليشيات المتعاونة معها.
الساعات الأولى للاتفاق عكست عدم ارتياح إيران من الخطوة التي غُيبت عنها، فبعد اظهار القلق من أن تُعطي الخطوة للجماعات الإرهابية وفق الرواية الإيرانية، تحول الموقف إلى تأييد للهدنة بعد مكالمة هاتفية بين وزيري خارجية روسيا وإيران سيرغني لافروف ومحمد جواد ظريف. لم تنته الحكاية عند هذا الحد، بل استمر عدم الارتياح الإيراني. فجاءت جملة من التطورات التي تؤكد حالة الغضب. طهران استقبلت وزير الخارجية السوري وليد المعلم وكذلك المسؤول الأمني علي مملوك بعد أن استقبلت بشار الجعفري مندوب إيران في الامم المتحدة. إيران التي شاركت بشراسة في معركة تدمير حلب كانت تأمل أن تجني ثماراً افضل، لكن يبدو واضحاً أن حساب القرايا مختلف تماماً عن حساب السرايا..
ظهور مستوى من التنسيق بين روسيا وتركيا يؤدي إلى اتفاق هدنة شبه حقيقي، هو بمثابة تأكيد ثاني على أن الدور الإيراني السلبي في سوريا هو بعد الروسي، التأكيد الاول والذي كررته في أكثر من مقال في أن التدخل الروسي العسكري هو اثبات فشل للدور الإيراني في تزعم دور قيادي في الأزمة السورية، وأن روسيا منذ تدخلت عسكرياً وبشكل في العام 2015، فقد تسيدت على إيران. تبدو الحسابات الروسية مركزة على مصالح يراها بوتين أولوية على البقاء دائرة الخيارات السياسية مركزة على إيران. ذلك أن إيران نفسها لم تستشر روسيا حين حصلت على الاتفاق النووي من خلال بوابة واشنطن. صحيح ان روسيا ضمن شاركوا في الاتفاق، لكن الحقيقة أنه لولا توفر إرادة أميركية بالدرجة الأولى ثم إيرانية للتوصل للاتفاق لم يكن ليحصل.
إيران ستعيد تقييم موقفها مما يجري في ظل اتفاق الهدنة وما تبعه من انتقاد لأداء الحكومة الإيرانية والذي هو موجه للمؤسسة العسكرية المشرفة مباشرة على الملف السوري، تقييم يأتي في فترة حرجة حيث ستواجه إيران رئيساً اميركيا لا يبدو أن لديه نوايا حسنة نحو الاتفاق النووي الإيراني، كما أن إيران متجهة إلى انتخابات رئاسية في أواخر شهر مايو 2017، انتخابات ستتأثر نتائجها بمسار العلاقة مع واشنطن ومسار التحالفات الإيرانية والتي تبدو منحصرة في الخيار الروسي. إن اتفاق الهدنة المتعلق بسوريا يؤكد في أحد جوانبه الهامة أن المقولة التي تتردد حول تحالف روسي-إيراني تحتاج إلى مراجعة حقيقية.

بقلم : محجوب الزويري
copy short url   نسخ
04/01/2017
4495