+ A
A -
للمكان سطوة.. وكذا للزمان.
السطوتان عرفهما الإنسان، منذ أن كان الزمان.. وكان المكان.
الاثنان- المكان والزمان- مفعمان بالتفاصيل، وما هو الإنسان- في النهاية- إذا لم تكن كل هذه التفاصيل الصغيرة، التي تشكل عقله ووجدانه وخياله وضميره.
تروح عبلة، من المكان.. لكن دارها بالجواء، يتكلم، والحبيب الذي وقف بالدار الخراب، قلبه وجيب. في ذاكرته التفاصيل، والملامح، والخمار حين يسفر عن الوجه الصباح. في خياله أخيلة، وقصيدة تعذب الروح المعذبة، أصلا.. وفي وجدانه الأشواق تستعر!
مكان عبلة، هو زمانها، في زمان ما.. وهو زمان عنترة، فما أصدق الشاعر السوداني الجميل- محجوب شريف- حين أشعر من روحه كلها:
أحلى فصول العمر، حنانك..
أجمل حتة، لقيتا.. مكانك..
اجمل سكة، مشيتا عيونك،
أحبك أحبك.. انا مجنونك!
مجانين الهوى، اكثر من العقلاء، في هذه الدنيا. في البدء- كما الكلمة- كان الحب.. بل إن الكلمة- هي في الأساس- الحب، وبالحب يعرف الإنسان- من ذكر أو أنثى- الإنسان، ويعرف نفسه، ويعرف رب الإنس، والمخلوقات، جمعا.
مجانين بثينة ولبنى وسلمى وعزة- وغيرهن كثير- مثل مجنون عبلة. استقر المكان الذي كن فيه، في ذاكرتهم ووجدانهم وعقلهم وخيالهم، واستقر الزمان: آه يا زمان الوصل بالاندلس!
أكتب، وعما قريب، أفارق هذا المكان.. هذا الزمان، لتبقى الوطن.. ويبقى الوطن، ويبقى السؤال: هل من عودة.. هل؟!

بقلم : هاشم كرار
copy short url   نسخ
04/01/2017
1450