+ A
A -
لو نظرنا إلى خريطة موظفي الدعاية لنظام السيسي ممن يطلق عليهم تجاوزا لقب إعلاميين، نجد أنهم يوزعون بدقة على القنوات الفضائية التي يمولها رجال الأعمال من حلفاء النظام، وهذا يعني أن الذي يقوم بالتوظيف جهة محددة كانت سابقا جهاز أمن الدولة وجهاز المخابرات العامة، حينما كان لكل منهما السطوة والكلمة قبل أن تدخل المخابرات الحربية حينما كان السيسي مديرا لها وما بعدها على الخط وتنتزع من أمن الدولة كل مخصصاته ومسؤولياته وتدخل في منافسة مع المخابرات العامة على كيكة موظفي الدعاية في الفضائيات وهذا جعل معظم موظفي الدعاية الذين كانوا يتبعون المخابرات العامة يقفزون من المركب ويلتحقون بمركب المخابرات الحربية ما عدا واحد أو اثنين، ونستطيع أن نعرف ولاءات موظفي الدعاية من المذيعين من خلال الجدول اليومي للأداء الذي يوزع عليهم من ضابط المخابرات الحربية أو المخابرات العامة والردح المنظم الذي يقومون به، فالفريق الذي يردح في موضوع واحد يكاد يكون بنفس الألفاظ والجمل يعمل مع جهة واحدة ويتبع تعليمات ضابط واحد، والفريق الذي يطرح طرحا مخالفا يعمل مع الجهة الأخرى، لكن لوحظ في الفترة الأخيرة تقلص نفوذ المخابرات العامة بشكل كبير حتى أنه لم يعد يعزف على وترها سوى موظف دعائي واحد تمت الأطاحة به قبل يومين ولم يفتح فمه سوى بقبول الأمر الواقع، وبذلك أصبح النفوذ في الفضائيات شبه كامل لموظفي الدعاية الذين يعملون مع المخابرات الحربية والذين وصفهم السيسي في أحد تسريباته بـ«الأذرع الإعلامية».
ولم يكتف السيسي بالإطاحة بموظفي الدعاية التابعين للمخابرات الحربية فحسب بل أطاح بكثير من الضباط الذين كان لهم نفوذ وقوة داخل المخابرات العامة لصالح آخرين سعيا للهيمنة الكاملة على ذلك الجهاز الذي كان غير راض عن أدائه، وهذا يعني أن السيسي يعتبر كل من ليس معه فهو ضده حتى من داخل نظامه، فالقاضي الفاسد في مجلس الدولة والذي ضبط في منزله 150 مليون جنيه لم يفسد في يوم وليلة، ولكن من الواضح أن هناك مستنقع فساد في المجلس مثله مثل كل مؤسسات دولة السيسي، ولكنها عمليات تصفية حسابات بين الكبار بالدرجة الأولى، كما أي ضابط في الجيش أو الشرطة أو جهاز في الدولة يرفع صوته تتم الإطاحة به، وليس معنى هذا أن السيسي يمسك بزمام أجهزة الدولة. كلا على الإطلاق فهناك حرب أجهزة على النفوذ والسلطات والصلاحيات وكيكة الفساد، فمصر بلد غني والنهب فيه تجاوز الملايين أو العملة المحلية إلى المليارات والعملات الأجنبية، وإذا كان موظف صغير ضبط في بيته 150 مليون جنيه نقدا بعملات مختلفة بخلاف الأملاك الأخرى، فما بالنا بمن هو أكبر، وما يحدث هو بداية لعمليات تصفية كبيرة سوف نشهدها خلال الفترة القادمة بين الأجهزة بعضها البعض. أما موظفو الدعاية فإنهم جاهزون دائما لتلميع الفضائح أو لملمتها حسب الطلب.

بقلم : أحمد منصور
copy short url   نسخ
04/01/2017
53692