+ A
A -
لسنوات عدة كنت مهووسة بشكل غير طبيعي، في أن أكون دوماً خارج الوطن في احتفالات رأس السنة، كنت أعتقد بأن السعادة مرتبطة دائماً في المكان، وليس بداخلي أنا، وأن من المهم أن أتذكر أن ليلة الأول من أول العام كنت في أحد بلاد العالم، كان الأمر مهماً بالنسبة لي ويعني لي الكثير، كنت أحب أن أحدّث نفسي بأني كنت خارج إطار الاختلاف في عام ما، ولكن بدأت هذه الرغبة تنطفئ، تتلاشى، لم أجد هذا العام الأمر مسلياً أن أكون خارج بيتي، وقلت: لأكون أكثر ذكاء من تجار المطاعم والمقاهي ومكاتب السفر، وأدخر أيام الأجازة للصيف، حيث لأيام الصيفية كما تقول فيروز حكايات أخرى، ومذاق متغير، وجدير بأن نحمل حقائب السفر من أجل مقاسمته الحب والبحر والشمس، ومحاربة الضجر للنهارات الطويلة بالتقاط العديد من الصور الزاهية، بعيداً عن الثلج والبرد والهلع.
تابعت العديد من الأصدقاء عبر برنامج «السناب شات»، ووجدتهم يشدون رحالهم إلى دول مختلفة، لقضاء رأس السنة وافتتاح عام جديد في طوكيو وباريس ولندن ودبي واسطنبول، ولم أحسد أي منهم لأنني أفكر بأن الشتاء لا يصلح إلا أن تكون في بيتك لا في بيت آخر. الغريب في الموضوع أن الكثيرين قاموا بتسجيل طلب المغفرة والصفح لأي شخص قد آذوه شخصياً بقصد أو من دون قصد بمناسبة رأس السنة الجديدة، تماماً كالمحلات التجارية التي تقدم خصما جيدا بمناسبة الافتتاح الأولي لها، إنني أفكر كيف بالله يمكن لأي شخص أن ينتظر العام الجديد حتى يعتذر؟ أنا لا أقصد أحدا بعينه، ولكني تفاجأت من كم الرسائل والتسجيلات المصورة، التي يطلب فيها العفو وكأن العام الجديد لن يكون جديراً بالحياة أو بالمتعة من دون تدوين مثل هذه العبارات.
حينما تريد أن تسامح وتعفو عمن ظلمك أو ظلمته، فأنت لا تحتاج إلى رأس السنة، إنما تحتاج إلى وعي وثقافة لمفهوم التسامح والتغاضي عن أخطاء الآخرين في حقك، أنت لا تحتاج إلى شجرة الميلاد لكي تذكرك بأن عليك أن تتغافل، عن الذين جرحوا مشاعرك أو حتى جرحتهم بسبب ما، السنة الجديدة هي ترتيب أوراقك الشخصية، هي تحديدك لطموحاتك ورغباتك، وقفة صادقة قوية مع ذاتك، محاولة للتغيير، ومطالعة للإنجازات التي قدمتها، تماماً كما تفعل الدول حينما تقر ميزانيتها الجديدة، أنت بالضبط مثلها، عليك أن تعيد ترتيب ميزانيتك الاجتماعية والثقافية والنفسية، لا أن تقف فقط معتذراً لمن أخطأت في حقهم، هذا جزء يسير من كم الأشياء التي عليك أن تعيد من خلالها ترتيب قيمك القادمة.
وكل عام والجميع بخير وعام جديد غير مستبد للضيف الجديد 2017.

بقلم : سارة مطر
copy short url   نسخ
01/01/2017
4758