+ A
A -
ثمة فرق بين القطري الجديد والقطري المتجدد. الدولة تحتاج إلى قطري جديد، في حين يحتاج المجتمع إلى قطري متجدد. الدولة تحتاج إلى قطري جديد يصحو من نومه ويواكبها، لا يهمها أن يدرك اليوم سيدرك غدا، والمجتمع يحتاج إلى قطري يصنع تجدده ومواكبته وتأثيره. المواكبة ليست فعلا أصيلا، إلا بقدر ما تكون عملية واعية، إنها التحاق أو إلحاق، بينما التجدد فعل ذاتي إرادي. تتجدد الدولة بتجدد مواطنيها. قطر التجدد بحاجة إلى القطري المجدد، قطر الجزيرة وشعارها بحاجة إلى قطري الرأي الآخر. العالم من حولنا يتغير بسرعة والدولة تتغير معه، التقارير تقول إن قطر أحد صناع روشتة التغيير في المنطقة، المجتمع يحاول أن يواكب، يشعر بالهوة بين أن يكون جديدا وبين أن يكون متجددا مشمولا بأجندة التغيير، روشتة الإصلاح أغرب روشتة في التاريخ لأن من يكتبها ليس طبيبا، يكتبها الخبراء ولكنها لا تصرف إلا في صيدلية الشعب وبموافقته، بل هو من يقرؤها لأنه من سيتناولها، فهي روشتة لا تبدأ من الطاولة ولكن من الشارع.. بعضهم لدغته الأفاعي حيث وصف حكمه كالرقص مع أو على رؤوس الأفاعي، وبعضهم أصابته لعنة الفراعنة، أما البعض الآخر فهو بين فهم متأخر لما يريده شعبه وبين تمسكه بإثم العزة حتى على حساب الدم المهدور. كل نظام يأتي، يأتي بوعد التجديد معه لكنه وعد مؤجل، التجديد اليوم بيد الشعوب هي من تصنعه. لدى قطر ميزة فريدة لا يمتلكها الآخرون ليست هي ندرة السكان ولكن في وفائهم وإخلاصهم، يختلط الحابل بالنابل في وطنه لكن نظرته لماضيه وأجداده وتاريخ بلاده أيام الشظف والمعاناة لا تغيب عن باله، تحكمه العلاقة ويحترم التاريخ، لا يعرف كيف يتعامل مع طوفان البشر الآتي لخيرات بلاده، يقف متفرجا، يريد أن يتجدد من خلال إسداء المشورة والمشاركة في صنع مستقبله وحفظ مقدرات بلده، ينتظر على الرصيف حيث لا حافلة تمر، يستمع إلى المذياع حيث لا خبر يذاع، يتشوق لنشرة الجزيرة فإذا هي تأتي بالبعيد على حساب القريب، يقرأ صحف الصباح، فلا يجد سوى أخبار الأمس المنقضي.. يهرب إلى قنوات الغير لتتحدث عن دور بلده، يشعر أنه كبير لكنه بالكاد يجد أقرانه، الكثير والكثير إلى الدرجة التي تبدو فيها ميزته أو تميزه أقرب إلى السذاجة التاريخية.. التي تعيش التاريخ لكن لا تعيه.
بقلم : عبدالعزيز الخاطر
copy short url   نسخ
29/12/2016
1499