+ A
A -
أيام ويغادرنا العام الميلادي 2016، العام الذي ينهي أيضا مئوية لم تكن حسنة في تطوراتها ولا في نتائجها بالنسبة للعالم العربي والمستضعفين في العالم بشكل عام، مئوية عناوينها الاصلية تعزيز الاستبداد وقيم الفساد السياسي وغياب العدالة وتفرد القوة الخارجية في تشكيل واقع ومستقبل الكثير من بقاع العالم العربي. بنظرة إلى العام المنصرم يلاحظ المتتبع ان كثيراً من الاحداث المؤلمة والقليل وربما اقل من القليل من الاحداث غير المؤلمة. في هذا العام تضاعفت الاخطار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في العديد من البلاد العربية. فالدول التي شهدت احداث الربيع العربي ولم تنجح فيها الثورة المضادة مثل تونس تشهد ولادة متعسرة لمشهد سياسي ابعد عن الاستبداد، مشروع يكون الإنسان محوره في المشاركة السياسية وكذلك التطور الاقتصادي والاجتماعي.
اما البلدان التي شهدت الثورات المضادة، فإن الامور تسير من سيئ إلى أسوأ. فغياب الدولة المتماسكة التي لديها مشروع يتماشى مع ما خرج من اجله المواطنون في مصر وليببا واليمن وسوريا عنوان العام 2016. لم تسقط الدولة المستبدة التي قام غالبية المواطنين ضدها، وفي ذات الوقت لم تنجح أو لم تتح الفرصة للنظام الجديد ان ينجح. فالتركة المستبدة والاعباء الاقتصادية وكذلك التكالب الدولي، كلها عوامل أبقت الامور في تلك الدول في دائرة الأسوأ الذي لا يُرى ان له نهاية قريبة.
صحيح أن الإنسان العربي قد أصبح منفلتاً بالمعنى الايجابي للكلمة والذي ينزع إلى التغيير الايجابي غير المتطرف، لكن النوايا الايجابية وحدها لا تكف، فغياب الأدوات والرؤيا المصححة للأخطاء والمعتمدة على مبدأ المشاركة غير المتوقف عند قطاع ولا عند فترة زمنية، كلها عوامل أعاقت مسيرة العربي في العام 2016، لكنها في الحقيقة اعاقت حركته من العام 1916 وربما قبل ذلك.
يغادر العالم العام بحوالي 65 مليون لاجئ، كما تغادر المجتمعات العربية العام 2016 والملايين من العرب اما لاجئون أو مهجرون في بلدانهم أو دول أخرى، تفكيك للبنية الاجتماعية واضافة مزيد من التعقيدات امام أي مشروع للتغيير يريد للإنسان العربي أفضل مما لديه ويحفظ له كرامته. من تلك التعقيدات عدم حصول الملايين على الحق في التعليم والعلاج، هذا يعني بالضرورة ضرر بالع لمستقبل تلك المجتمعات لعقود ان لم يكل لقرون. في وداع العام 2016 ينبغي التذكير أن العالم قد اصبح أقل امنا بالنظر للتباينات الاقتصادية غير العادلة، كذلك الصراعات السياسية التي افتقدت إلى لاعبين يسعون لحل تلك الصراعات بشكل يقلل من الاخطار الأمنية وتبعاتها.
في العام 2016 غادرت بريطانيا عبر التصويت الاتحاد الاوروبي بعد 43 عاماً، كما لم ينجح انقلاب عسكري في إعادة عقارب التاريخ إلى الوراء في تركيا، لكنه مع ذلك أظهر للنظام مدى الاخطار التي يواجه والتي تستدعي مستوى من الفعالية الأكثر لتجاوز الاخطار المحدقة. في العام 2016 تم التطبيق لرفع العقوبات الاقتصادية عن إيران بعد الاتفاق الدولي مع المجموعة الدولية 5+1 (الولايات المتحدة والأميركية وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين وألمانيا). لكن التطبيق لم يعن تأثيراً فورياً على الاقتصاد الإيراني المعتمد على النفط. وحيث أن النفط حافظ على سعر منخفض جداً في العام 2016 فلم تنجح إيران في قطف ثمار الاتفاق.
ينتهي العام 2016 والعالم ينظر إلى رئيس أميركي جديد سيتسلم مهامه في 20 يناير 2017، حيث يتوقع أن تكون بداية لمرحلة جديدة في السياسة الاميركية سواء على المستوى الداخلي والخارجي. ينتهي هذا العام والسؤال الذي ربما يقفز إلى اذهان الكثيرين مدفوعاً بالتفاؤل احياناً وبغيره أحايين أخرى هو هل سيحمل العام 2017 ما يخفف الاثار الثقيلة للعام 2016 أم أنه سيزيد عليها؟
بقلم : محجوب الزويري
copy short url   نسخ
28/12/2016
5178