+ A
A -
أعلنت السلطات الروسية أن الطائرة العسكرية التي سقطت في البحر الأسود يوم الأحد الماضي وكان على متنها 92 عسكريا بينهم جنرال و4 عقداء ومقدم و64 من أعضاء الأوركسترا العسكرية الروسية كانوا في طريقهم إلى حلب من أجل العزف والغناء على أطلال حلب لتهنئة الجنود الروس هناك بجرائم الإبادة التي قاموا بها ضد أهل حلب، حتى أجبروا من لم يتم قتله وتدمير بيته منهم إلى الرحيل منها، بعيدا عن الحادث وتفصيلاته فإن حديثنا عن الأوركسترا العسكرية الروسية التي كانت في طريقها للعزف على أطلال حلب، ومثلها غنى ورقص أنصار النظام العلوي والميليشيات الطائفية حينما أجبر أهالي حلب على الرحيل منها بعد سياسة الأرض المحروقة التي قام بها الروس.
من خلال قراءة تصرفات بوتن خلال الأيام الماضية يتضح أنه يسعى لفرض الأمر الواقع في سوريا وفي حلب بشكل خاص، وأن قراره بإرسال قوات من الشرطة العسكرية التي تتبعه مباشرة لإدارة الأمن في حلب وإرسال قائد الشرطة العسكرية الروسية الذي قتل على متن الطائرة هو الآخر تعني أن بوتن لم يعد قانعا بأن تبقى القوات الروسية في حلب داخل القواعد الروسية سواء في طرطوس وحميميم تاركة للنظام العلوي والمليشيات الطائفية والإيرانيين إدارة الأوضاع على الأرض، وهذا يعني أن بوتن سوف يتعامل مع سوريا كسلطات احتلال، وسوريا كأرض محتلة، يفرض فيها واقعا ويفرض من خلال قواته على الأرض استراتيجية لم تتضح معالمها بعد، لكن من الواضح أن مطامع بوتن في سوريا أبعد بكثير من مجرد تمكين المليشيات الطائفية والنظام والإيراني من السيطرة على حلب تحديدا، بوتن لديه مشروع أبعد من مجرد المساعدة، فقد رسخ خطوات وجوده باتفاقات مع نظام متهالك كانت له اليد العليا في صياغتها وإقرارها بشكل يضمن له استقلالية العمل على الأرض الروسية وفرض القرارات التي يريدها، وهذا ما اتضح في عملية إجلاء أهل حلب، فقد كان التفاوض مع الروس دون أن يكون للإيرانيين والنظام والمليشيا أي دور وقد بقيت كل هذه القوات عاجزة عن التقدم خطوة واحدة في حلب أو غيرها حتى جاء الروس فغيروا كل المعادلات عبر استخدام أسلحة جديدة متبعين سياسة الأرض المحروقة.
لقد أصبحت سوريا بالفعل ضمن دائرة المصالح الاستراتيجية العليا لروسيا وإعلان بوتن بتوسيع القواعد العسكرية وإرسال قوات لفرض الأمن كجزء من ترسيخ الوجود الروسي في البحر المتوسط ومع ضعف أوروبا وعجزها عن مواجهة روسيا في أوكرانيا وفشل الحصار الاقتصادي والمقاطعة الأوروبية لروسيا فإن بوتن قرر أن يواجه أوروبا من على ضفتها الأخرى في البحر المتوسط، وأن يدخل في مواجهة من الواضح أنها ستغير كثيرا من المعادلات في المنطقة خلال السنوات القادمة، فالعجز والضعف الأوروبيين والسياسة الأميركية الغامضة حتى الآن للرئيس المنتخب وإدارته تؤكد أن الراقصين على أطلال حلب ربما يرقصون على أطلال مدن أخرى عما قريب.
بقلم : أحمد منصور
copy short url   نسخ
27/12/2016
93076