+ A
A -
من أجمل إبداعات السودانيين، لغويا: «دا كلام... ساكت»!
الكلام الساكت، هو الكلام الذي ليس له معنى. هو الكلام الذي لا «بجيب، لا بودي». هو الكلام الأجوف الذي لا ثمرة فيه، على الإطلاق!
ما أبدعه السودانيون، أذكر ان صديقي الذي كان يزاملني في الوطن- فيصل البعطوط- أول ما سمعه، صفّر.. وقد امتلأ ذهنه ببلاغة، ومفارقة، وامتلأ قاموسه من الكلام الفضيل، بكلام ساكت.
نظرت إليه وقتذاك. تخيلته وهو يتمنى ان «يتونس» هذا الإبداع، في لغويات وكنه، الذي انجب اجمل شعار عابر للحدود: الشعب يريد إسقاط النظام!
قبل يومين، قال لي صاحبي حاتم غانم- الذي يزاملني ايضا في الوطن الصحيفة- كلاما، منسوبا إلى جهة ما. قلت له: هذا كلام... ساكت!
كان يحدثني من مكتبه الذي يبعد عن مكتبي، مسافة طلوع درج. تخيلته وهو يقفز من كرسيه، وهو يقول لي: شو بتحكي يا زلمي.. كلام... ساكت؟ شو.. يا لبلاغة التعبير.. والله انتوا السودانيين، حيرتونا!
كثير من الناس، يتكلمون كلاما.. ساكت، وهم يظنون أنهم يتكلمون!
الكلام، ليس أن تفتح فمك، وتحرك شفايفك، بكل ما كان في منابت النطق فيك.
الكلام، هو ان تملأ فمك، بما هو في عقلك. بما هو في امكانك. بما هو في استطاعتك. بما هو فيه خير لك، وللناس. بما هو فيه- في الأساس- ما يجعلك إنسانا.. فردا. حرا.. إنسانا له كلمة.. وكلام، لا يقع الواطة، ويصير في النهاية كلاما ساكت!
ما أي كلام، هو من فضة.. ولو كان.
البارحة، كان السكوت، كلاما!
كنت أجلس إليها.. وتجلس إلى..
وكان الكلام.. ساكت، حين كنت أجلس إليه، ويجالسني!
ياااااه، حين يصبح أن في الصمت.. كلاما!
بقلم : هاشم كرار
copy short url   نسخ
26/12/2016
1484