+ A
A -
اختار العالم ان يواجه الإرهاب بنفس طريقته.. قتل مقابل قتل
حسنا.. لا يستطع كائن من كان ان ينكر أهمية مواجهة المجرمين بمنتهى القوة، لكن وبعيدا عن تلك التنظيمات المنتظمة في هيئة جيوش، وملابسات تكوينها وممارستها لنشاطها الإرهابي، ماذا عن:
هؤلاء الذين يطلق عليهم «الذئاب المنفردة»؟
عقب جريمة تفجير الكنيسة البطرسية في مصر، التي راح ضحيتها نحو خمسة وعشرين، معظمهم من النساء والأطفال الأبرياء، تصاعدت بقوة مطالب تشديد العقوبات ضد الجرائم الإرهابية، واختصار مراحل التقاضي، لتسريع التنفيذ بحق من صدر ضده حكم بالإعدام، باعتبار ان ذلك سيشكل رادعا قويا لمن يقوم بعمليات إرهابية، ولم يدر اصحاب تلك الدعوة المريبة، «بالمناسبة هي دعوة إرهابية أيضا»، ان جريمة الكنيسة البطرسية، ارتكبها - حسب البيانات الرسمية- انتحاري، وهو ما يعني ان تشديد الأحكام، وانتهاك المبادئ الدستورية، وهدم هرم العدالة، لن يجدي نفعا، لا لشيء الا لأن المجرم، مات بالفعل. كما أن الإرهابيين سيكونون اول المستفيدين من تلك الاجراءات، ذلك لأنهم ببساطة يتكاثرون في أجواء القمع والظلم والاستبداد.
ما سبق مجرد مثال لتلك الطريقة التي اختارها العالم، دون غيرها، لمواجهة الجرائم الإرهابية، وكأن أسباب هذا الإرهاب الأسود المدان، تنحصر فقط في الثغرات الأمنية، أو ضعف العقوبات!، وهو تصور تقطع كل المعطيات بخطئه وسطحيته. وهو اجتزاء مخل لجملة من الأسباب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفكرية، التي تؤدي إلى ارتكاب مثل هذه الجرائم.
المريب في أمر مواجهة الإرهاب، ان العالم يخلق يوميا آلافا من تلك الأسباب السابقة، فالفقر وخصوصا في منطقتنا تتسع رقعته، ليشمل فئات جديدة، وليهبط المزيد إلى ما تحت خط الفقر، فينضم آلاف جدد إلى طوابير العاطلين اليائسين، ليتحولوا إلى مجرمين، أو إرهابيين محتملين. وبنفس القدر يسهم غلق المجال العام أمام المختلفين فكريا مع الانظمة، في خلق حالة من الحنق والاحتقان.
أليس غريبا ان العالم الذي يحتشد لمكافحة الإرهاب - أو هكذا يدعي- سيكون على رأس القوة العظمى فيه بعد أيام الرئيس دونالد ترامب الذي يمثل خطابه الدافع الأكبر لخلق مزيد من المعادين والحانقين والمحتقنين؟!، حتى أن كاتبا مصريا تخيل أن رسالة لابد ان تصدر من زعيم تنظيم داعش، للرئيس الاميركي المنتخب، يشكره فيه على حسن تعاونه.

بقلم : محمود عيسى
copy short url   نسخ
25/12/2016
4257