+ A
A -
في وداع 2016
في هذه الأيام يلملم عام 2016 أوراقه ويحزم حقائبه إيذانا بالرحيل ولن يعود مرة أخرى، هذه هي سنة الحياة، وفي مثل هذا الوقت من كل عام تقف المجتمعات أفرادا كانت أو مؤسسات وقفات حساب مع النفس، تقيم إنجازاتها لتبني عليها في العام الجديد، وتحدد بموضوعية إخفاقاتها لتفاديها ومحاصرتها وعدم تكرارها.
ونتيجة لهذه الوقفات نجد من الطبيعي أن تكون في حياة كل الناس مواقف وأحداث مبهجة وأخرى مزعجة، وهذه أيضا سنة الحياة وطبيعتها، وصدق شاعر تونس الرائع أبو القاسم الشابي إذ قال:
ومن لا يحب صعود الجبـال
يعش أَبد الدهر بين الحفر
ونحن في قطر بفضل الله تعالى وحنكة قيادتنا استطعنا التغلب على الأزمات الاقتصادية التي عصفت بالعالم، وكالعادة رست سفينتنا على بر الأمان والاستقرار، هذا الاستقرار الذي ظل وسيظل بحول الله وقوته الأساس الراسخ الذي تستند عليه دولتنا في مسيرتها التنموية.
في كثير من الحالات شاهدناها في العالم من حولنا سمعنا من يتعجلون مرور العام الحالي وانتهاءه، ربما لظروف قاسية مرت بهم من صنع أيديهم، أو تسبب لهم فيها غيرهم، وكعادة الناس لا تريد دائما أن تعترف بتقصيرها وأخطائها، فيلقوا اللوم على الأيام والأزمان، وكأن اليوم أو الزمن عموما هو الذي جلب عليهم المحن، وبدلا من مراجعة أنفسهم وإعادة حساباتهم ينعتون السنة بصفات لا تليق، فنسمع من يقول: كانت سنة شؤم، وآخرون يقولون كانت من أسوأ السنين، مع أن الزمن في حد ذاته لم يجلب محنا ولم يكن شؤما، وإنما الناس هم من صنعوا بأنفسهم ما صنعوا، مما كدر صفو حياتهم، ولهذا رأى أحد المنصفين أن يدافع عن الزمن بقصيدة جميلة قال فيها من بين ما قال:
نعيب زماننا والعيب فينا
وما لزماننا عيب سوانا
ونهجو ذا الزمان بغير ذنب
ولو نطق الزمان لنا هجانا
سمعت في إحدى الفضائيات أحد المواطنين من دولة عربية شقيقة يصف سنة 2016 بأنها «كانت سنة سودة»! هكذا بكل بساطة سمح لنفسه بالوقوع في هذا الخطأ الجسيم، فبدلا من أن ينتقد من جروا عليه الويلات خاف منهم وانتقد السنة، فياليتنا نصْدُق نحن بني البشر مع الأيام والأزمان ولا نحملها أوزارنا، ونعترف ولو مرة بأننا الذين نخطئ في حقها، وليتنا نعتذر للأيام والأزمان عما نقترفه فيها من أخطاء وما نرتكبه من آثام.
انتهت سنة 2016 ولن تعود مرة أخرى إلى يوم القيامة، لكنها حملت معها أعمالنا إن كانت خيرا فخير، وإن كانت شرا فشر، ومن رحمة الله علينا أنه دائما يجدد لنا الفرص لنراجع أنفسنا ونقيم سلوكياتنا، فها هي سنة 2017 فرصة جديدة واقفة على الأبواب وسيكون لي عنها حديث بإذن الله.

بقلم : آمنة العبيدلي
copy short url   نسخ
25/12/2016
1550