+ A
A -
أعاد مصور يعمل مع وكالة «أسوشيتد بريس» الاعتبار للصورة، وكذا الصحافة الورقية في لحظة شجاعة نادرة.
روى المصور «برهان أوزبليشي» قصة صور نادرة تسجل لحظات مقتل السفير الروسي في أنقرة، الحدث الذي شغل العالم خلال هذا الأسبوع، فقال «كنت في طريق عودتي من المكتب إلى المنزل، إرتأيت حضور معرض لصور التقطها مسافرون لمناظر في روسيا، افتتحه السفير أندريه كارلوف،. عندما شرع السفير في الحديث إقتربت منه أكثر لالتقاط صور خمنت أنها قد تصلح مع موضوع للعلاقات بين تركيا وروسيا».
ثم استطرد المصور يقول «كان السفير متواضعاً، يتحدث بهدوء وبطء ليترك مجالاً لترجمة حديثه إلى التركية، فجأة أطلق القاتل الرصاص على السفير الذي سقط أرضاً، تحركت إلى الخلف على يسار القاتل، كنت مرعوباً وأنا ألتقط صوراً له، قلت مع نفسي أنا هنا صحفي حتى لو جرحت أو قتلت لابد أن أنجز عملي. كان يمكنني أن أركض بعيداً دون التقاط صور، لكن وقتها لن يكون لدي جواب معقول إذ سألني الناس لماذا لم ألتقط صوراً».
هذه الجرعة الزائدة من الشجاعة وحب المهنة انعكست فوراً على الصحافة الورقية كما أفادت «أسوشيتد بريس».
كانت نتائج آخر استطلاع لكيفية حصول الناس على الأخبار أجراه مركز «بيو ريسيرش سنتر» الأميركي.
كالتالي 57 بالمائة من التليفزيون و38 بالمائة من الإنترنيت (في معظمها مواقع صحف ورقية) و25 بالمائة من الإذاعات و20 بالمائة من الصحافة الورقية.
بعد نشر صور» برهان أوزبليشي» زاد الإقبال على الصحف الورقية التي نشرت الصور.
في غضون ذلك يتصاعد الجدل حول مصير «الصحافة الورقية» بعد التطور الهائل في وسائل «الإعلام الجديد» وعماده شبكات التواصل الاجتماعي، وأقطابها «فيسبوك» وتوابعه مثل واتساب وانستغرام، ثم «تويتر» و«لينكيد إن» و«خدمات محرك غوغل».
قرأت تشبيهاً يقول إن «الصحيفة الورقية» تماثل أكلة في مطعم تقليدي يأتي النادل للزبون بقائمة الأكلات المتوفرة يختار منها واحدة يأكلها ثم يسدد ثمنها وينصرف، ثم جاء من يقترح على الزبون نفسه «بوفيه مفتوح» (الصحافة الالكترونية) توجد فيها أطعمة من جميع الأصناف والأشكال، يمكنه أن يختار منها ما يريد، وكل ذلك مجاناً.
مقارنة طريفة، لكنها لا تعدو أن تكون سطحية ساذجة.
ظني أن الشبكات الاجتماعية والمواقع الالكترونية، تقدم أكلة سريعة (فاست فود) وهي أكلات لها مضار لا يحصى. هذا يعود بنا إلى موجة سادت قبل عقود طويلة، ضد التقارير الإخبارية المطولة.
كان صاحب تلك الفكرة الصحفي البريطاني «الفريد هارمز وورث» صاحب صحيفة «ديلي ميل»، الذي دعا إلى «صحافة الساندوتش» وقال إن أي تقرير يجب ألا يتعدى 250 كلمة، وجرب هذه الفكرة في «ديلي ميل» متأثراً في ذلك بفكرة «الساندويتش» التي بدأت في بريطانيا، ثم تطورت في أميركا مثل «هوت دوق» و«كنتاكي شيكن» و«هامبرغر» و«ماكدونالد».
كان رأي هارمز وورث أن هذا الاختيار يتماشى مع إيقاع العصر ورائحته ومذاقه.
هؤلاء الذين يتحدثون الآن عن ريادة شبكات «التواصل الاجتماعي» في نقل الاخبار، ينطلقون من تصور مماثل. يقولون مثلاً أن «تويتر» أصبح أهم وسيلة تواصل في القرن الحالي.
إنهم ينطلقون من فكرة «هارمز وورث» نفسها، أي اختزال الأخبار إلى أقصى حد.
عندما يتحدثون عن «تغريدات تويتر» باعتبارها أهم وسائل التواصل، يريدون منا في الواقع أن نختصر الأخبار إلى 140 حرفاً، وهي عدد الأحرف التي كان يتيحها «تويتر» لكتابة ما يجول في أذهاننا من «تغريدات».

بقلم : طلحة جبريل
copy short url   نسخ
24/12/2016
4219