+ A
A -
محمد رسول الله في آخر حياته، فتح الله له الأرض، وأصبح متصرفا كملك على كل الجزيرة العربية وأجزاء من اليمن، وهذا يعني أن كل خيرات وأموال هذه البلاد صارت تحت تصرفه.
كان وقتها يستطيع أن يبني له بيتا فاخرا، وأثاثا مريحا، وأكلا شهيا، وهيلمان ملك، وهيبة حاكم.
غير أنه مات ودرعه مرهونة عند يهودي من الجوع والعوز.
علماء المسلمين اقتدوا بمحمد عليه الصلاة والسلام في كل شيء، في الثوب، واللحية، والسواك، والمشي، والجلوس، والحديث، الخ، لكنهم لم يقتدوا به في أهم ما كان يميزه، البساطة والتقشف.
فخالفوا سنته، وتقلبوا في العيش الرغيد حتى البذخ.
أحد أهم علماء العصر الحديث ومن المنظرين للمذهب الحنبلي، يسكن في قصر قيمته يعيش بها كل شعب الصومال المسلم لمدة سنة كاملة.
وما زال يحدثنا فضيلته عن وجوب الاقتداء بمحمد عليه السلام.
عالم آخر من المنظرين، راتبه الشهري يعادل في سنة ربع ميزانية مدغشقر.
عالم ثالث يحدثك ويقاتلك من أجل وجوب الاقتداء بالنبي اقتداء العين اليسرى باليمنى، لكنه يغض النظر عن سيارته اللكزس 2017 والتي قيمتها تسكن وتدفئ مائة عائلة سورية نازحة الآن.
بالله من الأفضل؟
مشايخ القصور واللكزس والرواتب، أم العاري المهاتما غاندي، الذي عاش كل حياته بقطعة قماش واحدة كأنها كفن، رغم أن الاحتلال الانجليزي عرض أن يلبسه الذهب من رأسه حتى أخمص قدميه، لكنه رفض، لأن مبدأه ألا يكتسي حتى يكتسي آخر هندي في الهند.
من نقدر أكثر؟
العاري من أجل أمته، أم مشايخ اللكزس والقصور والشرهات والرواتب الخرافية؟
من الذي اقتدى بمحمد الذي مات وبطنه تئن من الجوع، المهاتما غاندي، أم مشايخ اللكزس والقصور؟
لو كان لي كلمة مسموعة عند أمة محمد لقلت لهم:
إياكم أن تأخذوا من أي عالم دين يعيش في بحبوحة من الحياة أبدا، وإن نصحكم قولوا له:
إن طبقت سنة نبيك في التقشف، والحياة من أجل الآخرين لا من أجل نفسك، حينها سنسمع لك ونطيع.
لأنه أصلا ما وصل لهذه البحبوحة والحظوة إلا لأن الناس تتبعه وتتابعه وتثق فيه، فلو انفض الناس عنه لأصبح مثلي ومثلك، ولما بقى إلا علماء الأمة الذين يجوعون من أجل أن تشبع.
copy short url   نسخ
22/12/2016
1283