+ A
A -
تحتفل المليشيات المتطرفة التي جلبتها إيران من أصقاع الأرض إلى سوريا بما يسمى الانتصار على الكفار في حلب، لكن منذ متى نجح المرتزقة في صناعة نصر على مدار التاريخ؟ فما يقوم به المرتزقة عادة ما تكون انتصارات زائفة، وهذا ما حدث في حلب فقوات الأسد ومعها كل القوات الإيرانية والمليشيات فشلت وعلى مدى أكثر من خمس سنوات في تحقيق أية انتصارات في سوريا ولم تتغير المعادلة على الأرض إلا بعد التدخل الروسي الذي اعتمد على سياسة الأرض المحروقة والابادة للحجر والبشر مستخدما أسلحة جديدة تحدث عنها بوتن بنفسه وقال إنها جربت للمرة الأولى في سوريا وأثبتت فعاليتها وأنه ليس بحاجة إلى عمل مناورات عسكرية لتجريب أسلحته بعدما جربها بشكل بشع على الأرض في سوريا.
كما أن قوات الأسد وكل المليشيات التي عاونتها فشلت وعلى مدى سنوات في أن تسيطر على مدن كل الذين كانوا يدافعون عنها لم يتجاوزوا مائة وخمسين شخصا مثل الزبداني مصيف سوريا المميز الذي حوله الحقد الطائفي إلى أطلال، وأثبت الذين صمدوا فيه طوال هذه السنوات أن الرجل يمكن أن يكون بألف رجل حينما يدافع عن دينه وأرضه وعرضه، وما يؤلمني أن هذه البطولات التي سطرها هؤلاء لم تدون بعد لتكون نبراسا للأجيال القادمة التي أصبح الأمل فيها كبيرا أن تغير معادلات الوضع الراهن فهذه الأمة كم كبت ثم قامت من كبوتها.
أما الذين صمدوا في حلب فإنهم يستحقون كل التقدير على صمودهم الأسطوري في وجه الدموية الحاقدة التي جمعت المتطرفين الروس إلى جوار المتطرفين الذين جلبهم الإيرانيون من كل مكان، فقد عشت أجواء الحروب في أفغانستان والبوسنة والعراق ورأيت كيف تكون الحياة مع القذائف التي لا تتوقف والتي تحيل حياة الناس إلى جحيم لا يطاق حتى أن الموت يأتي الناس من كل مكان ولا يجد الناس ملجأ إلا إلى الله فيهربون من الموت إلى الموت، ولقد وكل السوريون ثورتهم من البداية وأمرهم إلى الله فكان شعارهم «ما لنا غيرك يا الله» ومن أوكل أمره لله فلن يخذله الله أبدا.
إن حلب على سبيل الخصوص تعرضت لحروب وعمليات تدمير وتهجير لشعبها أكثر من مرة لكنها كانت سرعان ما تستعيد عافيتها، وهكذا الأمم والشعوب تمر بمراحل من الضعف لكن ما سرعان ما يأتي قائد يجمعها ويلملم شملها ويعيد بناءها، ولعل التقرير الذي نشرته صحيفة «قزغلياد» الروسية يوم الثلاثاء الماضي عن تفشي الفساد والفوضى والضعف داخل الجيش السوري يؤكد أن هذه الجيوش كلها جيوش ورقية ومجموعات من المرتزقة لا تدافع عن عقيدة ولا تحارب عن قناعة وإنما هي الأحقاد الموروثة والدعاية الكاذبة وصناعة انتصارات مزيفة.

بقلم : أحمد منصور
copy short url   نسخ
22/12/2016
20106