+ A
A -
هـناك من يـرتكـب للأسف الشديد الكـثير من الأمور الخاطـئة في المجـتمع باسم المدنية والتحضر ويأخذ من العـصر الذي نعيشه القشور ويترك الجوهـر، متناسين أن لكل مجـتمع مقـوماته وتـراثه وتقالـيده وعـاداته في أمور حـياته اليومية، إلا أن هـذا لا يعـني الانغلاق عـلى النفـس ورفـض ما هـو صالح لنا ولمجتمعـنا لأن الحضارة إرث إنساني تتقاسمه جميع الشعـوب في كل الأزمنة، فمن أراد أن يأخذ من الغـرب فـليأخذ «الجـوهـر» وليس القـشور، وليتذكـر دائما وأبدا أن التحضر لا يعـني التخلي عـن أصولنا الطيبة وعاداتنا الجميلة وتقاليدنا العـريقة التي يجب أن تبقى دائما راسخة في أذهاننا جيلا بعـد جيل.
لقد استورد الكثير منا للأسف من الغـرب «الغـث «من العادات والأفـكار وتركوا «السمين» منها وعـلى سبيل المثال مشاركة غـير المسلمين الاحتفال بأعـيادهم كالكريسماس ورأس السنة وعـلينا ألا نلوم الغـرب في ذلك طبعا بل عـلينا أن نلوم أنفـسنا، فـنحن الـذين قـلدناه باستيرادنا منه ما يضرنا وليس ما يفـيدنا وينفعـنا بعـد أن نجح وباقـتدار كبير في تسويق ما لديه إلى مجتمعـنا من قيم ومفاهيم لا تناسب مع ديننا وعـقيدتنا وقـيمنا، فما نراه اليوم عـلى أرض الواقع من تقاليع وتصرفات عجيبة غـريبة دخيلة عـلينا تبرهـن عـلى ذلك، ونحن هـنا لا نقصد فقط تصرفات المراهقين من الأولاد والبنات الخاطئة وغـير المقبولة بل إن ما نرمي إليه أبعـد من تصرفات «المراهقين الصغار» بكثير.
يخطئ كثيرا من يعـتقـد أننا بمطالبتنا التشبث بتراث الأجداد يعـني أننا نريد العـودة إلى الماضي والبقاء في العـصور القديمة المتخلفة، إطلاقا.. فـنحن لسنا ضد الانفتاح عـلى تطورات عـصرنا ومنجزاته العلـمية ومقاطعة النداءات التي تدعـو إلى الأفكار البناءة الهادفة إلى الرقي بالمستوى الفكري للإنسان، إلا أننا ضد كل ما هـو في غـير صالح المجتمع من أفكار وعادات ومفاهـيم خاطئة وهـدامة.
لقد قطعـت بعـض الشعـوب دروبا هائلة وأشواطا كبيرة وهامة في سبيل الحضارة والتقدم والمدنية، وحققت كل ما نراه اليوم من منجزات عـظيمة ومدهشة في سنوات قليلة ما لم تستطع انجازه في عـشرات السنين، لكنها مع ذلك لم تدس عـلى ماضيها وتتنكر لتاريخها وتراثها بحجة التطور والتمدن بل إنها بقيت محافظة عـلى موروثاتها وعاداتها ورصيد أجدادها.
مـن كان يتوقع أن تسير المرأة إلى جانب زوجها وليس خلفه، ومن كان يتوقع أن تذهـب المرأة إلى المقاهي وتتعاطى الشيشة دون خوف من احتمال وجود قـريب في المقهى، كل ذلك حدث في فـترة بسيطة.
ومن المناظر المؤذية الأخرى التي بتنا نراها في الأماكن العامة وبكثرة ارتداء الفتيات القاصرات ملابس ضيقة «سترج «أو بنطلونات LEGGINGS وهي برفقة أمها أو في كـثير من الأحيان مع الخادمة دون اكـتراث لوجود عـيون وقحة وجريئة ونفوس دنيئة وأجساد جائعة في مثل هـذه الأماكن، في الوقـت الذي نقيم فـيه الدنيا ولا نقعـدها في حال ارتداء البعض من المقيمين والزوار ملابس غـير لائقة وغـير محتشمة، والقـيام بتصرفات تخدش الحياء العام لا تتناسب مع قـيم مجتمعـنا «المحافظ «.
قـد يقول قائل أن مثل هـذه الأمور عادية جدا وهي من علامات تحضر المجتمعات، أبدا.. التحضر لا يعـني أن ندوس عـلى عاداتنا وتقاليدنا والتطور والتقـدم لا يكون عـلى حساب تراثنا وماضينا وشخصيتنا وتاريخنا وبالتأكيد ديننا وعـقيدتنا، فـلكل أمة من الأمم مقوماتها ومكونات شخصيتها وهذه أمور وثوابت لا تفـريط فـيها.

بقلم : سلطان بن محمد
copy short url   نسخ
21/12/2016
4197