+ A
A -
ماذا تفعل المرأة حين تحصل على كل شيء وتفقد الرجل الذي تحبه. إن الرجل يستطيع أن يجد ما يشغله، أو من يعوضه عما فقده. يستطيع أن يتماسك بعد فترة تطول أو تقصر. أما المرأة فيخيل إليها ان هجر من تحب هو نهاية العالم. لقد انتهت موضة الانتحار وبدلا منها حلت فكرة الانتقام. والانتقام يلتهم صاحبه من الداخل قبل ان يطول المعنيين به. إنه يحول المرء إلى وحش.. إلى قاتل، وحين كتب فردريك دورينمات مسرحية زيارة السيدة العجوز التي كانت سببا لشهرته انقسم الجمهور بين معجب ومصدوم. وظهرت الكتب التي تحلل وتفسر ظاهرة الانتقام عند المرأة.. وهل توجد لدى الرجل بنفس القوة ام لا؟ والمسرحية باختصار تروي قصة فتاة أحبت شابا وكانا يعيشان في مدينة صغيرة وفقيرة، وعدها بالزواج ولكن حين سلمت نفسها له وحملت منه أنكر علاقته بها، ولم يقف احد من اهل مدينتها البائسة معها لانها فقيرة ولا ظهر لها، واضطرت الفتاة لترك مدينتها والرحيل وهي مكسورة القلب والخاطر. وتمر سنوات طويلة جدا، وتصبح الفتاة ثرية، صاحبة ملايين، وتقرر بعد ان أصبحت عجوزا ان تعود إلى مكان طفولتها وصباها وتنتقم من الرجل الذي لم تحب غيره والذي خذلها، وتنتقم من أهل القرية الذين تنكروا لها وباعوها وذلك بتعريتهم اخلاقيا، وحين تطأ ارض الطفولة تكتشف ان المدينة ما زالت كما هي، لم تتغير ولم تتبدل أحوالها، مازالت فقيرة وبائسة، وما زال أهلها فقراء وبائسين، وهنا تدعو أهل القرية وتعرض عليهم عرضا غريبا: النقود والرخاء وحياة مختلفة مقابل رأس الرجل الذي تخلى عنها. ويتصدى لها العمدة ومن خلفه الأهالي قائلا: إننا حقا فقراء ولكننا لا نبيع الإنسان.. الإنسان هو القيمة الشريفة الوحيدة الذي لا يخضع لسعر السوق ولا يحطم قيمته الفقر والبؤس، وبخبرتها الطويلة في الحياة تعرف ان هذا الكلام مجرد كلام.. قابل للتغيير.. لقد باعوها من قبل دون ان يقبضوا الثمن، وسوف يبيعون أنفسهم إذا استدعى الامر طالما هناك ثمن، فتبدأ برشوة الناس وهي قابعة في شرفة البيت الكبير الذي اشترته، ويدب القلق في نفس الحبيب الغادر وهو يرى تبدل الناس من حوله.. الناس الذي عاش معهم دهرا، وعرفهم وعرفوه أصبحوا غرباء بالنسبة له، أطارت النقود صوابهم، لقد بدأ يلاحظ ان جميع أهالي بلدته الفقراء الحفاة يلبسون أحذية جديدة، أي أنهم جميعا يقبلون النقود من المرأة التي تطالب برأسه، إنها تقبع هادئة في شرفتها وعدد الأحذية الجديدة يزداد يوما بعد يوم، وهو يدور وحيدا وخائفا ويصرخ في الناس: ولكن لماذا؟ لماذا أحذية جديدة؟ وتنهي المسرحية بموت الحبيب تحت إقدام القوة الجديدة.المال والانتقام والاحذية الجديدة.

بقلم : وداد الكواري
copy short url   نسخ
20/12/2016
1522