+ A
A -
لا معنى أن تنتظر معرض الكتاب، وتتجهز، وتحاول إيجاد فسحة في وقتك المزدحم بالمهام، كي تذهب لتنتهز تلك الفرصة السانحة التي تنتظرها على مدار العام، لشراء قائمتك التي أعددتها بعناية.. لكنك بعد كل هذا تعود دون أن تتمكن من شراء شيء، أو أقل بكثير مما كنت تقدر أن بإمكانك الحصول عليه، والسبب: تلك الأسعار المبالغ فيها للكتب، في كافة دور النشر دون استثناء. لا معنى أن تجد أسعار تلك القوائم التي أعددتها على مواقع بيع الكتب أقل بكثير من أسعارها في دور النشر مباشرة. وعندما أقول أقل بكثير فأنا أعني ما أقول تماما. لا أود أن أقدم دعاية مجانية لتلك المواقع المختصة ببيع وإيصال الكتب إلى الراغبين، لكن بإمكان أي مهتم أن يقوم بإجراء بحث عن هذه الأسعار والمقارنة، وسيجد مفاجأة كبيرة وغير متوقعة بين الأسعار. لم أفهم سر هذا التفاوت الواضح بين الأسعار، ولا سر تلك المبالغة الهائلة في الأسعار. الملاحظ أن هذه الأسعار غير ثابتة ومتفاوتة على حسب المكان الذي يقام فيه معرض الكتاب، فأسعار الكتب في معارض الكتب التي تقام في المغرب العربي أو بيروت أو القاهرة، أقل بكثير من مثيلاتها التي تقام في مدن الخليج العربي.
ملاحظة أخرى حول المعارض التي تقام في بعض المدن الخليجية، حيث نجد غياب الكثير من جديد الكتب عند دور النشر، والتي أعلنت عنها مسبقا، ووضعها القارئ ضمن حسبانه، وهذا يدل على أن هناك معارض تحضرها بعض دور النشر على سبيل المجاملة، مصطحبة معها قديمها من الكتب، كتسجيل حضور فقط، دون رغبة حقيقة لإيصال هذا الجديد إلى القارئ، محتفظة بهذا الجديد لمعارض أكبر وأهم من وجهة نظرها. مثل هذه الحسابات، وإغفال المهمة التنويرية لتلك الدور، أو تراجعها إلى مصاف متأخرة، وطغيان الحس الربحي، والحسابات التجارية الصارمة، على مهمة النشر، بالتأكيد لا تصب في مصلحة القارئ العربي، وتفرغ الدور الذي كان من المفترض أن تلعبه مثل هذه المعارض للكتاب من مهمته الأساسية، وتحيله إلى معرض للسلع، مكان يحكمه الحس المادي الصرف.
أظن أن رقابة مشددة على الأسعار يقوم بها الطرف المنظم بإمكانها أن تحد من مثل هذا الطمع المبالغ فيه الذي تنتهجه مثل هذه الدور، مستغلة المناسبة، والحمى الشرائية التي ترافق مثل هذه المعارض. أنا متفائل بمثل هذه الحمى، وأجد أنها مؤشر جيد لوعي متطور بأهمية الكتاب، ونمو ملحوظ لعادة القراءة لدى المواطن الخليجي، لكن على الجهات التي تدير هذه المعارض الحرص على ألا تُستغل مثل هذه الرغبة المتنامية لشراء واقتناء الكتب، ويجب أن تفرض رقابة مشددة على الأسعار، وإلا سوف تشهد هذه الرغبة المتنامية للقراءة خفوتا في مستقبل الأيام، تحت ضغط هذه الأسعار المبالغ فيها للكتاب، أما فيما يخص إهمال دور النشر المشاركة بمطبوعاتها الجديدة، فلا أجد لها حلا إلا مزيدا من الوعي لأصحاب تلك الدور، ومبادلة القارئ الاحترام ذاته الذي يظهره بالحضور والحرص، من خلال الدفع والمشاركة بكل جديدها، مهما كان المعرض محدودا من حيث الحضور والشراء، كتأكيد للمهمة الأولى لدور النشر تلك، بأنها مصدر للتنوير والوعي والثقافة.

بقلم : ضيف فهد
copy short url   نسخ
18/12/2016
4208