+ A
A -
حسناً فعل رئيس الاتحاد الدولي الجديد لكرة القدم السويسري «جاني إنفانتينو» عندما أعلن خلال زيارته للدوحة الأسبوع الماضي حاسماً عن «بقاء بطولة كأس العالم 2022 في قطر»؛ فقد كان هناك من ينتظر منه أن يقول غير هذا الكلام ليشعر بالارتياح ويتأكد أن مهمته تكللت بالنجاح.

ورغم أن إعلان رئيس الفيفا عن «إنشاء لجنة مستقلة لمراقبة ظروف العمال في الملاعب القطرية» بدا كأنه مسمار جحا، إلا أن قوله خلال المؤتمر الصحفي إن الفيفا هو الذي سيقود تلك اللجنة وإنها ستضم أعضاء من المجتمع المدني وفر شيئاً من الارتياح، فمن من المهم ألا يفتح الباب للتدخل في الشؤون الداخلية، ومن المهم جداً أن يثق الفيفا في تصريحات المسؤولين القطريين، سواء تلك المتعلقة بالعمال وأوضاعهم أو بإنشاء الملاعب والمرافق أو بغير ذلك، خصوصاً أن تلك التصريحات تكون مصحوبة دائمًا بما يؤكد صحتها ويرد المزاعم في نحور الكائدين.

ما ينبغي أن يعلمه الفيفا ويعلمه العالم أجمع هو أنه لا يوجد في قطر ما قالت عنه منظمة العفو الدولية «انتهاكات ممنهجة»، لا يوجد ذلك لسبب بسيط هو أنه لا مصلحة لقطر في إيذاء العمال الذين تحتاجهم لبناء المنشآت، ولو أن شيئاً من هذا القبيل كان صحيحاً لما رتبت لرئيس الفيفا زيارة المدينة العمالية وسكن العمال ولما عملت على تطوير التشريعات المتعلقة بالعمالة الوافدة استجابة لما أبدته الجهات ذات العلاقة.

لا يوجد «جانب قبيح للرياضة الجميلة» ولا يوجد «استغلال للعمال في قطر لكأس العالم» كما جاء في التقرير الذي أصدرته تلك المنظمة، فالقبح لا يكون في بلاد تحرص على تأمين حياة كريمة للعمالة الوافدة، والقبح لا يحدث في بلاد تلتزم بالإصلاح الممنهج والمستمر لقانون العمل. وكما جاء في بيان مكتب الاتصال الحكومي، رداً على تقرير منظمة العفو الدولية، فإن دولة قطر «تسعى إلى خلق نظام متكامل يعمل على تحسين ظروف عمل ومعيشة العمالة الوافدة في الدولة ليصبح هذا النظام نموذجاً يحتذى به لكل من حقوق العمال والإنسان في المنطقة».

ليس هذا فحسب، فقطر تردد باستمرار أنها «ترحب بالجهود المبذولة من قبل منظمة العفو الدولية والمنظمات غير الحكومية الأخرى للمساعدة في تحديد المجالات لإحراز مزيد من التقدم»، وقطر «تدرك تماماً أن جهودها في تقدم مستمر».

في ظل أحوال كهذه عنوانها «الاستجابة لكل ملاحظة تبدى عن أوضاع العمال الوافدين والعمل على تصحيح كل ما يتطلب تصحيحه» من الطبيعي أن تقلق قطر من مثل تلك الاتهامات خصوصاً وأنها صدرت عن منظمة دولية معنية بحقوق الإنسان، ومن الطبيعي أن تتساءل عن الذي يحدث وأسبابه، فعندما تصنع من كل معلومة غير أكيدة قصة فإن الأمر لابد أن يكون مقلقاً، وعندما توجه تلك الاتهامات رغم الشفافية فإن الأمر يكون مقلقاً حقاً.

الآن وبعد كل هذا الذي سارعت قطر بتوفيره كي تسد الأبواب التي يأتي منها الريح، وبعد أن استكملت التزاماتها تجاه العمال الوافدين فإن من حقها أن تطالب بإلغاء الشكوى التي تقدم بها عدد من العمال في الدورة 103 لمؤتمر العمل الدولي عام 2014 والتي تحدثت عن وجود انتهاكات لحقوق العمال، فهذه الشكوى لم تعد مبررة وينبغي شطبها، خصوصاً أن قطر وفرت أكثر من المطلوب منها في هذا الخصوص ولاتزال تواصل بذل الجهود لاستكمال ما بدأت في تنفيذه.

يكفي دليلاً على جدية قطر في حل كل المشكلات المتعلقة بالعمالة الوافدة أنها وافقت مبكراً على استقبال وفد المنظمة المذكورة للتحقيق في صحة الشكاوى وللاطلاع على التقدم الذي تحقق في مجال حماية حقوق العمال الوافدين.

قطر ومعها كل دول مجلس التعاون تدرك تماماً أن محاولات مريدي السوء للتنغيص على الدوحة وجرح فرحتها بتنظيم كأس العالم لن تتوقف، لكنها هي أيضاً لن تتوقف عن أخذ كل ملاحظة تصلها بجدية، فما تفعله قطر للعمالة الوافدة ليس من أجل تنظيم كأس العالم فقط.



بقلم : فريد أحمد حسن

copy short url   نسخ
30/04/2016
1969