+ A
A -
ونحن صغار، حينما كنا نستقل التاكسي متوجهين إلى الريان الجديد متعاضدين في دفع المبلغ المستحق له، وهو ثلاث روبيات، لنشاهد عرضة «أهل قطر» أمام قصر الأمير الراحل الشيخ أحمد بن علي بن عبدالله آل ثاني، كانت مظاهر المحبة تملأ المكان، ليس هناك تنظيم ولم تكن هناك حراسة، ولم تخترع بعد بوابات للدخول والجميع يأتي فرادى وجماعات ويصطف في انتظام واحترام وحب وائتلاف. فضيلة «المحبة» وشعور المودة، لا اقصد أنه لم يعد هناك محبة اليوم، لكنني أقصد انها لم تعد بتلك التلقائية الداخلية التي يحركها حب الوطن. أولئك العارضون كانوا لا يتقاضون شيئا، أولئك القادمون من كل ارجاء الوطن كانوا يأتون ليشاركوا ويجتمعوا مع غيرهم من ابناء الوطن دون مطمع آخر، لم يكن الوطن بالنسبة اليهم اكتشافا جديدا، أو مشروعا للمسابقة والتوقيع أولا، لا يتطور المجتمع إلا بالحب والصدق والتعاون من أجل بنائه ورخائه.
احتفالاتنا اليوم جميلة متقدمة تكنولوجيا وماديا إلا أنها أقل «محبة» من احتفالات تلك الايام التي كانت تخلو من التكلف الذي نشهده اليوم في أمر جُبل حبه على الفطرة وهو الوطن.
فضيلة الحب والمحبة لا تتعايش مع معنى الاسراف في كل شيء، لأن في ذلك إخفاءها وطمس لحقيقتها الداخلية.
المجتمعات تتغير ولكن يبقى الإنسان مهيمنا على ذاته ومجتمعه طالما استمرت المحبة بين ابناء المجتمع الواحد، بالطبع هناك من يعمل سلبيا في هذا الاتجاه ليحقق مآربه الشخصية، هناك من لا يعجبه حالة الصفاء والحب في المجتمع، لكنني على يقين أن أهل قطر جٌبلوا على حب أحدهم للآخر، وعلاقتهم بحكامهم قامت ونشأت على تراث من الحب والتقدير، فضيلة المحبة التي أراها تتصرم عاما بعد آخر، وتحل مكانها روح التنافس السلبي، سيؤثر سلبا على اجيالنا القادمة علينا التنبه إلى أن المجتمع حالة نفسية قبل أن يكون تجمعا ماديا، الروح الجماعية هي اساس كل مجتمع، تذكروا أن قطر بُنيت وقامت وتطورت بالحب والمحبة والاخلاص، تذكروا أن اليوم الوطني هو يوم «المحبة» والتآلف، يوم الجميع، أسقطوا التراتيبة هذا اليوم وعيشوا بالمحبة، عودوا بقطر إلى حيث تستحق، قبل أن تكون مطمعا أو مغنما أو منجما، لكل متحفز. تذكروا ان الارتقاء إلى مستوى الوطن لا يتحقق بالمظهر المادي، الخارجي فقط، بل بعمق الاحساس الذي يجعل من يومه عيدا لأبنائه وشعورا به كنعمة قابلة للزوال كما نشاهد ونعايش في عالمنا العربي، فنحمد الله عليها ولا نضعها مطلقا عرضة للمساومة أو للخلاف.
بقلم : عبدالعزيز الخاطر
copy short url   نسخ
13/12/2016
1726