+ A
A -
الأفكار التي تزعجه أصبحت أقل مؤخرا،
أصبحت أقل وغير ناضجة،
وليست كما كانت في السابق أبدا..
في السابق عندما كانت تأتيه أفكار كثيرة مزعجة، وناضجة، كان يضطر للتعامل معها بجدية وحزم وانتباه كامل، لم يكن يسمح لنفسه أن يستهين بها أو أن يعاملها باستخفاف غير لائق..
كانت أفكارا محترمة، مزعجة صحيح، لكن هذا حقا لا يهم، يكفي أنه يشعر بها كبيرة ولها القدرة على ثنيه عن الذهاب إلى أي مكان آخر قبل التعامل بجدية معها، وقبل أن يضع أيضا ملاحظاته النهائية عن الطريقة التي يتمكن بها من خنقها وتطييرها كنفخة في رماد، ليستريح منها في النهاية، لكن بعد أن يكون قد توقف عندها التوقف اللائق بأفكار ضخمة، كانت محترمة بحق، وتجبره على هذا الترتيب الذي يقوم به عند استقبالها في كل مرة..
وهذه الملاحظات التي كان يقوم بتسجيلها بعد كل زيارة تقوم بها أحد تلك الأفكار إليه، لم يكن يفرط فيها أبدا، كان من جهة يستفيد منها كإنجاز ورضا كامل، وإشارة مطمئنة على قدرته من جهة، قدرته على الوقوف في وجه الأفكار الكبيرة والتصدي لها، ولاحقا عندما تعاوده مثل هذه الأفكار أو شبيها لها يستفيد منها كخبرة..
الآن لديه وقت أطول خارج هذه الأفكار المزعجة، عندما أصبحت تغيب- ولا يعرف لماذا، لكن هذا لا يعني أنه يشتاق لها- لفترات طويلة تلك الأفكار الكبيرة.
إذ الآن، وحتى عندما تحضر له بعض الأفكار، تكون جيلا جديدا من الأفكار الضعيفة، وغير المكتملة.
وبات دون اهتمام يذكر يستطيع التصرف معها في أثناء انشغاله بأي أي أمر آخر؛ عندما يأكل، يستطيع التوقف بين لقمتين لنش فكرة مزعجة عابرة وغير ناضجة، عندما يركض، كل ما يحتاج القيام به للقضاء على فكرة مزعجة هو التمهل فحسب، كذلك أثناء القراءة، يستطيع الضغط بإصبعه على كلمة في السطر ليتذكر البداية منها مجددا، عندما ينهي تعامله السريع مع فكرة طارئة مزعجة وغير ناضجة.
حتى أنه لم يجد ملاحظة واحدة يستحق تدوينها حيال هذا الأمر.
كل هذا أصبح جيدا ومثمرا، عندما تخف الأفكار يصبح باقي الوقت متسعا للقيام بأمور جميلة بدون خوف ولا تفكير..
ثم أصبحت تنمو كفطر خبيث وسام هذه الفكرة الجديدة:
عندما يستمر في التعامل بهذه الطريقة المستعجلة والبسيطة وغير المكترثة مع الأفكار المزعجة غير الناضجة، عندما يستمر لفترة طويلة، بهذا الإهمال وقلة الانتباه، والغياب التام للحرص والترقب، سوف يفقد مع الوقت لياقته، لن يعود مرتبا في التعامل معها، لن يدون ملاحظات، ولن يعد يتذكر كيف كان يستلقي على ظهره، ويركز نظره على نقطة محددة في السقف، ويتعرق، ويبتل، ويرتجف، حتى يتمكن في النهاية من تدبر طريقة للتخلص منها دون رجعة..
أصبحت الفكرة التي تكبر الآن وتصبح ناضجة بشكل مخيف، تتعلق بأن: فكرة كبيرة في مكان بعيد، أرسلت له على مدار الأيام الماضية، هذا السرب من الأفكار التافهة، والصغيرة، لتلهيته فقط، لتمتص حماسه، ولتفقده ترقبه وحذره الدائم، وعندما يحدث هذا له/ وهو ما هو الآن عليه بالضبط/ ستهاجمه.. ستهاجمه الفكرة الأكبر والأكثر نضجا وإزعاجا في حياته، هذه الفكرة ستقضي عليه.
بقلم : ضيف فهد
copy short url   نسخ
11/12/2016
3624