+ A
A -
إذا كانت هناك كلمة استهلكت من كثرة ترديدها فهي بالتأكيد كلمة السعادة. وبات البحث عنها هاجس الكثيرين والكثيرات.. يبحثون عنها خارج أنفسهم، يجدها البعض في المال، والبعض الآخر في المنصب أو السلطة أو السفر، تختلف الاجابات ويظل السؤال هاجسا يسيطر على الجميع، وجه أحدهم هذا السؤال لمدام «رولان» صاحبة أشهر عبارة «أيتها الحرية كم من الجرائم ترتكب باسمك» والتي فقدت رأسها على مقصلة الثورة الفرنسية، وكانت أيامها تعيش عيشة ناعمة ولا تعرف ماذا يخبئ لها القدر فقالت: ما السعادة؟ كل إنسان يتحدث عنها والقليل من الناس من يعرفها. والذين يحسونها لا يضيعون الوقت في وصفها. فإذا هم وصفوها. فذلك لأن الشقاء انتابهم فشغل أذهانهم وحل عقدة ألسنتهم. وضرب الشاعر «جول سميث» مثلا عن عبد حكم عليه بالسجن المؤبد لسبب ما، كان أعرج وسلاسل ثقيلة تحيط بقدميه الاثنتين، وكان يسير بصعوبة، ويعمل من شروق الشمس حتى غروبها، ومع ذلك كان يلفت الانتباه بغنائه المرح. ولو أنه كان حر القدمين لرقص أيضا. وكانت عدوى مرحه تنتقل للمساجين من حوله. لم يكن حكيما لكن سلوكه كان يدل على الحكمة. ان السعيد سعيد في نفسه! لا بالذي تأتي به الحياة. والسعادة مزاج نفسي. ولا يمكن تعريفها كما يقول الدكتور أحمد زكي كما لو كانت معادلة رياضية. وكلما حاولت تعريفها قل نصيبك منها. إنها.. كالكهرباء تحس بها ولا تعرف عنها الكثير، وقد توجد في قطعة موسيقية أو كتاب. أو قصيدة شعر أو زهرة أو حتى في صحراء قاحلة... أما الفيلسوف المتشائم شوبنهاور فيرى ان السعادة ليست في كسب المال ولكنها في انتفاء الآلام. إن ألما واحدا يكفي لتعكير صفو الحياة. فالصحة سعادة. والصحة لا يحسها أحد. ولكن جرحا صغيرا مؤلما يحسه المرء يذهب بسعادته. ولا يغنيه عن ذلك صحة سائر الأعضاء. وقد تتحقق كل أمنيات المرء الا واحدة. فينتابه الحزن والكدر ولا يخفف عنه بلوغ كل الأماني الأخرى.. ومن البديهيات أن التطور الإنساني والارتقاء الحضاري لم يحدث بفضل ذكاء البشر ومثابرتهم، فمن الحيوانات من هو اكثر مثابرة منا.. النمل على سبيل المثال، والدلفين أحد ذكاء من الإنسان، والشمبانزي والفيل قد يتساويان مع البشر في نسبة الذكاء، لقد تطور الجنس البشري بسبب تناقل وتراكم المعرفة واستفادته من خبرات السابقين ومنذ مئات السنين أراد الفيلسوف الاغريقي «أبيقور» ان يخلصنا من حيرتنا ومن تضييع الوقت في التساؤل والبحث فاختصر السعادة في كلمتين حيث قال: «إن السعادة الحقة تتطلب سعيا وكفاحا. وإني لأراها في الرضا والقناعة.
بقلم : وداد الكواري
copy short url   نسخ
06/12/2016
1271