+ A
A -
من الأخبار اللافتة والطريفة التي نشرت أخيرا أمر نيابة الأموال العامة في أبوظبي بحبس شخص سبعة أيام على ذمة التحقيق بعد أن وجهت إليه تهمتي النصب والاحتيال وتحرير شيك من دون رصيد وذلك بأن شارك في مزاد لبيع لوحات أرقام المركبات ورسو المزاد الأكبر عليه. في الخبر أنه «قام (بسوء نية) بتحرير شيك بقيمة 31 مليون درهم دون أن يكون لديه رصيد مقابل له» وأنه دخل المزاد «وهو يعلم عدم قدرته على الوفاء بما يترتب عليه من التزامات مادية في حال رسو أي من المزادات عليه».
حادثة غريبة ولافتة بالفعل، ذلك أن الداخلين إلى هذا النوع من المزادات يكونون عادة ممن يمتلكون أموالا طائلة وليس ممن يجدون في أنفسهم الرغبة في التميز فقط. ورغم أن هذه الحادثة تكاد تكون الأولى من نوعها لكن الأمر يحتاج إلى التعامل معها وكأنها ظاهرة تستحق الدراسة، فما الذي يجعل مثل هذا الشخص الذي لا يمتلك الأموال الدخول في مزاد لا يدخله إلا أصحاب الملايين؟ ما الذي يجعله يشارك بثقة ويصر على الفوز وهو لا يمتلك المال؟ المرجو هو ألا يعبر بذلك عن أمراض مجتمعية ربما تعاني منها دول التعاون اليوم.
أتذكر حادثة من هذا القبيل، ولكن مع اختلاف في التفاصيل، حصلت في الثمانينيات من القرن الماضي في الإمارات أيضا مع أحد معارفي حيث ساقته الصدفة إلى مزاد على سيارات مستعملة فشارك من باب التسلية، حسب قوله، ولم ينتبه إلى أن أكثر المزايدين كانوا من العاملين في محل بيع السيارات المستعملة نفسه، فرسا مزاد إحدى السيارات عليه ولم يتمكن من الإفلات إلا بعد توبيخ عنيف تلقاه.
لكن قصة الشيك من دون رصيد أمرها مختلف مثلما هو زمانها، وإذا كان دخول شخص لا علاقة له بالأمر في مزايدة على بيع سيارات مستعملة مازحا في ذاك الزمان مستوعبا بطريقة أو بأخرى فإن دخول شخص لا علاقة له بالمزاد في مزاد يعتمد لغة الملايين صعب استيعابه خصوصا وأنه مزاد خيري يستفيد منظموه من حب أصحاب المال للتميز أو لعمل الخير أو لكليهما معا، كما حصل مع رجل الأعمال الهندي الذي فاز في دبي أخيرا برقم مميز بعدما تجاوز المبلغ الذي زايد به العشرة ملايين دولار حيث قال للصحفيين بعدها إنه يحب التميز والاحتفاظ بالأرقام المتميزة وأنه دخل المزاد ليشارك أيضا في عمل الخير.
ما قاله المتورط في هذا الفعل للنيابة إنه خطط على «أمل» أن يأتيه بعد المزاد من يعرض عليه شراء الرقم منه فيكسب من الفارق ولا تصير عليه تبعات إلا أن حظه السيئ لم يقد إليه أحدا ليعرض عليه ذلك.
التعامل مع ما حدث على أنه حادث عرضي قد لا يتكرر خطأ ستكون له تبعاته، بينما أخذه على أنه ظاهرة تستحق الدرس والبحث من شأنه أن يوفر الكثير من المشكلات مستقبلا. ورب ضارة نافعة.
بقلم : فريد أحمد حسن
copy short url   نسخ
06/12/2016
3231