+ A
A -
يُحكى أن رجلا كان يحلم بالوصول إلى القمر، وثانيا كان يحلم أيضًا في غفوته ويقظته أنه أصبح مخترعًا عظيمًا، وآخر حلم مرات عدّة أنه أصبح كاتبًا وشاعرًا ومتحدّثًا مشهورًا، وآخرين كُثر، ظلوا يحلمون... ويحلمون... ويحلمون مثل بقية الحالمين، ويُقال إن هؤلاء ظلوا يحلمون لفترة طويلة؛ والسبب أنهم لم يتوقفوا عن النوم من أجل أن يحققوا أحلامهم في أحلامهم، ثم ماتوا وهم لا يزالون يحلمون حلمهم الذي كانوا يحلمون أن يتحقق.
وفريقٌ ثانٍ، ليسوا عنهم ببعيد، يشبهونهم إلى درجة ما، الفرق بينهم أنهم لا يقضون أوقاتهم في النوم العميق والمتواصل من أجل رؤية أحلامهم، كمن سبق ذكرهم، ولكنهم يشاهدونها على أرض الواقع، وكنموذج أو اثنين، يحضرني الشاب الذي يقف أمام التلفاز لساعات طويلة يبحلق عينيه في المباريات المعقودة، تمضي ساعاته بين تقليب القنوات الرياضية، أملا وحلما ورغبة، في أن يصبح مثل ذلك اللاعب الفذّ، في خبرته وحنكته الرياضية، بل ويحلم أيضَا أن يلعب في نادٍ عالمي مشهور، وللأسف فإن أحلامه لم يتعدَ تطبيقها لعبة البلاي ستيشن أو رفيقاتها، أو كالفتاة التي تحلم أن تصبح مصممة عالمية مبدعة تنافس دور الأزياء والموضة، تقضي وقتها في التبضّع، ومتابعة قنوات اليوتيوب، وتقليد «الفاشنيستات»، يرافقها حلمها عُمرا، دون أن تغرز إبرة في قطعة قماش، ودون أن تعرف خصائص الألوان.
وثلة أخرى، تستيقظ في الصباح الباكر، وقد لا تنام إلا ساعات معدودة، تُطارد أحلامها، كمطاردة الأسد لفريسته، تقرأ، وتبحث، وتجرب، تحاول مرة تلو الأخرى، لعلها تنجح، تعلمت خصائص النجاح، عن تجربة أو عن قراءة تجربةٍ لناجحين، تتفاءل بأن الله لا يُضيع أجر من أحسن عملا، وأن الثبات والتركيز من أجل الوصول إلى الحلم لابد أن يتبعه تارة وصب وتارة نصب.
صحيحٌ أن كثيرًا من الاختراعات والأهداف تحققت -عند بعضهم- وكانت بدايتها «حلم»، لكن بالتأكيد لم تكن تلك الأحلام عصا سحرية تتمثل أمام مرأى ومسمع صاحبها، كفانوس علاء الدين السحري مثلا، بل تبعها عمل دؤوب ومخلص؛ لتحقيق ذلك الحلم.
إذ رؤية الحلم في المنام، لا تعني بالضرورة تحقيقه، أو فلنقل إن غالبها لن يتحقق ما دام الأمل معقودا بإغلاق العينين وتوسد الفراش الوثير، بل من المخجل والمخزي والمضحك، أن ننتظرها تتحقق من نفسها وكأننا لا زلنا نعيش مرحلة الطفولة المبكرة، حين كنا نصدق أحلامنا أكثر من واقعنا. ختامًا، يقول المثل الصيني: «حتى الثعلب النائم يحصي الدجاج في أحلامه».

بقلم : زهرة بنت سعيد القايدي
copy short url   نسخ
03/12/2016
4500