+ A
A -
أثارت التصريحات التي أطلقها رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري حول حاجة إيران إلى قواعد عسكرية بحرية في اليمن وسوريا ردود فعل واسعة. وقد جاءت متزامنة مع تصريحات لوزير الدفاع حسين دهقان حول استعداد إيران لتقديم كل ما يجب من مساعدة لروسيا في عملياتها العسكرية في سوريا بما في ذلك استخدام قاعدة همدان التي سبق واستعملتها الطائرات الروسية لقصف حلب السورية.
تبدو هذه التصريحات للوهلة الأولى دلائل قوة وتماسك في مشهد سياسي وعالمي متلاطم، لكن وضعها في السياق الإيراني الداخلي والإقليمي والدولي يؤدي إلى فهم مختلف وعكس ما يظهر للوهلة الأولى.
التصريحات تأتي في احتفال عسكري الطابع لسلاح البحرية، وعادة ما يتم إطلاق مثل هذه التصريحات ضمن إبقاء ما يسمى الروح العسكرية، لكن الأهم هو الداخل الإيراني. فالمؤسسة العسكرية تستهلك أكثر من 70% من دخل الدولة بطرق مباشرة أو غير مباشرة، لذلك من المهم إرسال رسائل واضحة حول هذا الإنفاق الضخم والتركيز على ان الجيش لديه رؤيا مستقبلية.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى تسعى المؤسسة العسكرية لإرسال رسائل للداخل الإيراني بحجم المسؤولية التي تقع على عاتقها والتي لا يجب أن تكون موضع تساؤل أو انتقاد.
الأمر الآخر هو أن المؤسسة العسكرية تسعى للتمدد داخل المشهد السياسي الإيراني مبررة ذلك بما يجري في المنطقة، وهي مسألة تتطور بشكل متسارع منذ انتخاب الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.
لا يقف الأمر عند المشهد السياسي وتفاعلاته، بل يتجاوزه إلى مواجهة حالة الصدمة بانتخاب دونالد ترامب كرئيس للولايات المتحدة.
إن تولي ترامب رئاسة الولايات المتحدة يشكل تحدياً لإيران من نوع مختلف وربما لم تعتد عليه، فخلال السنوات السابقة كانت إيران تبادر إلى توظيف التطورات بشكل يبدو انه يخدم مصالحها، لكن سياق الربيع العربي فرض على إيران سياقاً مختلفاً ربما لم تكن مستعدة له لا سيما في سوريا. وعليه فإن محاولتها إيجاد تسوية للملف النووي لمدة خمسة عشر عاماً إنما محاولة للتركيز على زلزال الربيع العربي وتبعاته عليها.
مع انتخاب ترامب وتعيينه فريقاً يبدو واضحاً انه ضد الاتفاق النووي فإن نوعاً من الضغوط على إيران يلوح في الأفق، هذه الضغوط من حيث التوقيت مربكة ومكلفة لإيران سياسياً واقتصادياً، من هنا يبرز دور المؤسسة العسكرية في التصدي عبر إطلاق تصريحات عابرة للقارات.
إن فهم الدور الذي تحاول المؤسسة العسكرية القيام به لا يجب أن يمر دون بحث ومتابعة، لكن ذلك لا ينبغي ان يعكس حالة من الإرباك في الطرف الآخر.
تبدو طهران في مشهد سياسي داخلي مرتبك بسبب عدم الكفاءة الاقتصادية وعدم قدرة الاتفاق النووي على إحداث أي تغيير في الاقتصاد الإيراني ولا حياة الإنسان العادي، يضاف إلى ذلك أن أسعار النفط التي تشكل أكثر من 80% من دخل إيران القومي في حالة هبوط.
بقلم : محجوب الزويري
copy short url   نسخ
01/12/2016
2854