+ A
A -
منذ مائة عام تقريبا تكونت في ولاية أريزونا في أميركا هيئة أطلق عليها (خدمة تشغيل الشباب) هدفها توظيف الشباب من الجنسين في العطلات الصيفية.
بدأت الفكرة تتخمر في عقل فتاة اسمها «كارين» كانت في السنة الأخيرة من الثانوية العامة، وتستعد لدخول الجامعة. ولما كانت نفقات الجامعات باهظة وأغلب الطلبة والطالبات يتكفلون بدفع المصاريف بأنفسهم، فقد استغلت عقد مؤتمر صحفي يحضره حاكم الولاية وعدد كبير من الشخصيات النافذة ويبحث في ظاهرة جرائم الأحداث التي زادت عن الحد، وطلبت حق إلقاء كلمة، وحين سمح لها بالوقوف خلف الميكرفون، قالت: ان الشباب لا يريد مزيدا من المتعة، بل يريد ان يعمل! أعطونا هيئة تشغيل خاصة بنا وأراهن أننا نستطيع ان ندبر أمورنا.
وبعد هذا الخطاب الذي احدث ضجة كبيرة اجتمع رؤساء الطلبة في احدى عشرة مدرسة في الولاية، ورشحوا كارين كمديرة.
وفي خلال سنة واحدة استطاع المكتب توظيف 1500 شخص، وكانت المديرة الشابة لا تفوت فرصة بها حفل خاص أو عام حتى تذهب اليها وتتعرف على النافذين من رجال الاعمال وتطلب منهم توفير أي عمل للطلبة، ولان الاعلام له دور كبير في إلقاء الضوء على أي حدث مهم أو غير مهم فقد توجهت أنظار المديرة الصغيرة وأعضاء المكتب للتليفزيون والصحافة والراديو، عرضوا فكرتهم واعلنوا انهم على استعداد للعمل في أي عمل شريف، قص الحشائش-مراقبة الاطفال اثناء انشغال ذويهم-مراقبة الالعاب الترفيهية- الكتابة على الآلة الكاتبة-موديلات للمصورين-مديري منازل-عمال انقاذ للشواطئ وبرك السباحة-أي شيء وأي عمل.
وبدأت الطلبات تنهمر عليهم، وتم افتتاح فروع للمكتب في كل الولايات، وبعد أن كان الطلبة من الجنسين يعملون كمتطوعين أصبح لهم رواتب ثابتة، وبدأت التبرعات تنهال كالمطر على هذه المؤسسة التي بدأت كحلم، وكان شعارها: «ان كسب المال يبني الشخصية لانه يكسب الإنسان احتراما لنفسه» ولاحظ المراقبون ان جرائم الاحداث قلت بنسبة كبيرة وعلق أحد الخبراء على هذا بقوله: ان قطع الحشائش أو العناية بطفل أعاد المراهقين إلى عالم الواقع مرة اخرى، أنهم يكتشفون في هذه الأعمال أن دنيا الاعمال ليست سهلة، ولا جذابة، وهذا يقنعهم بضرورة الحصول على الشهادات التي لا غنى عنها حتى يمكنهم الحصول على أعمال افضل، وأكثر أجرا.
وفي الوقت نفسه فإن هذه الاعمال البسيطة التي يقومون بها تدر عليهم مالا يمكنهم من شراء احتياجاتهم الخاصة أو شراء الكتب أو التوفير ويهدئ من ثائرة صبرهم النافذ.
ترى هل هناك من يتبنى هذه الفكرة، فإن شبابنا وبناتنا أحوج ما يكون لهذا النوع من الأفكار والأسباب معروفة.
بقلم : وداد الكواري
copy short url   نسخ
30/11/2016
1183