+ A
A -
قرأت خبراً أول أمس جعلني أفكر كثيرًا في موضوع عودة العقول العربية المهاجرة إلى الوطن الأم. الخبر مفاده أن قطاع العقارات في دبي يشهد حالة رواج غير عادية بعد فوز «دونالد ترامب» في الانتخابات الأميركية، حيث إن المستثمرين الأميركيين أصبحوا رقم واحد في قائمة المستثمرين الأجانب الذين يودون شراء عقارات في الإمارات إلى الدرجة التي يتوقع معها أن ترتفع أسعار العقارات بشكل كبير في دبي في 2017.
ومع علمنا أن موقع التقديم على طلبات الهجرة إلى كندا قد حدث له عطل فني بسبب ضغط المواطنين الأميركيين الذين يتطلعون إلى الهجرة لكندا بعد فوز «ترامب» فإنني أعتقد أن الفرصة مواتية لمن يريد أن يستقطب العقول العربية المهاجرة للعودة إلى أرض الوطن. ومن هنا كان عنوان هذا المقال ولعدد من الأسباب:
أولاً: العقول العربية المهاجرة الموجودة في أميركا تحتل مراكز مهمة وحيوية في معظم مراكز الأبحاث والجامعات الأميركية. لا نكون مبالغين لو قلنا إنه لا يخلو مركز للأبحاث ولا تخلو جامعة من الجامعات من عقل عربي يساهم في عمل هذه المؤسسات بل إن هناك الكثير ممن يقودون هذه المؤسسات من ذوي الأصول العربية.
ثانيًا: الوضع السياسي في أميركا الآن وبعد وصول «ترامب» لسدة الحكم لا يشجع الأقلية العربية خاصةً والمسلمة عامةً على البقاء هناك وتربية جيل جديد يعلمون أنه سيعاني الكثير بسبب العنصرية والاضطهاد الذي بدأ يظهر حتى قبل تسلم «ترامب» الحكم رسميًا.
ثالثًا: إن المواطن العربي الذي يمكنه أن يفكر في العودة إلى الوطن لن يجد أفضل من دول الخليج مقرًا له ولعائلته نظرًا للأوضاع السياسية والاقتصادية المتردية في معظم إن لم يكن جميع البلاد العربية الأخرى.
رابعًا: قطر التي أعلنت أنها تسعى لامتلاك «اقتصاد المعرفة» يمكنها استثمار هذه الفرصة الهائلة التي لم تسهم في صنعها في اجتذاب أفضل العناصر وأمهر الكفاءات العربية الموجودة في الخارج والتي يمكنها فعلاً المساهمة في بناء اقتصاديات المعرفة.
وبنظرة عملية وشيء من المرونة والتخلص من القيود البيروقراطية التي بدأت فيها قطر فعلاً يمكنها أن تجعل الدوحة مركزًا لاجتذاب العقول المهاجرة التي ترغب في العودة للوطن الأم.
خامساً: عوامل الإنتاج التي كنا نعرفها للطلبة منذ عقدين فقط من الزمن على أنها الأرض والعمل ورأس المال والمنظمين تم اختصارها الآن في رأس المال البشرى ورأس المال العيني والموارد الطبيعية. وبينما كانت تقاس قدرة الدول الإنتاجية بما تملكه من موارد طبيعية أصبحت تقاس بما تملكه من رأس مال بشري قادر على التجديد وامتلاك ناصية التكنولوجيا الحديثة وخلق الفرص وبيئة الأعمال التنافسية المناسبة. وأمثلة خلق شركات عملاقة بفكرة واحدة خلاقة وقليل من رأس المال كشركات «أبل وميكروسوفت وواتس أب» ليست بعيدة.
سادساً: لقد حاول القذافي في نهاية السبعينيات أن يبني في ليبيا ما أسماه «بمدينة العلماء» وقام بدعوة الكثير من العلماء العرب في الخارج لزيارة طرابلس واللقاء معه وقد لبى الدعوة عدد لا بأس به من المهاجرين العرب ولكن لم ينجح المشروع ولم تجد الدعوة لها صدى يذكر بسبب شخصية الداعي.
الأمر يحتاج لخطة اجتذاب كالتي تتبعها الآن كل من «ماليزيا والصين» وبنجاح فيما يعرف «بالهجرة المعاكسة» واعتقد أن قطر يمكن أن تكون قادرة على ذلك وبدلاً من أن تعرف الدوحة بالبلد الذي استضاف كأس العالم فقط يمكنها أن تعرف نفسها أيضا بالبلد الذي يستضيف العلماء.
بقلم : حسن يوسف علي
copy short url   نسخ
30/11/2016
3275