+ A
A -
في غزارة الاحتفال بالذكرى الـ 81 لميلاد جارة القمر فيروز، التي اهدتنا بصوتها الذهبي خلال هذا العمر من الابداع الجميل 800 اغنية، وفي قول آخر 682 اغنية فقط، يجدر بنا ان نتساءل: هل يجود قادم الزمان القريب بـ «نهاد» اخرى، ومع هذه الـ «نهاد الاخرى» «رحابنة» جدد، ليولد مثل هذا المزيج البيروتي الجميل، أو حتى شبيه له؟
الاجابة تقطع بالنفي، وتقول ان هذه الفيروزة الاثمن من أي ماس، لن تتكرر، بدليل ان كل عمالقة الغناء العربي الذين رحلوا عن عالمنا منذ سنوات، لم يتكرروا ايضا، ولم يظهر لأي منهم وريث، ولم يعوضنا عن أي منهم صوت جديد، رغم تنقيب فني تفوق - في دأبه - على التنقيب عن النفط، ورغم برامج المسابقات الغنائية التي يتقدم لها متسابقون من كل انحاء عالمنا العربي، فكانت كما يتمخض الجبل ويلد فأرا، ورغم حاجتنا في هذا الزمن العربي الرديء إلى صوت يسيطر على احاسيسنا مثلما تسيطر فيروز فيشجينا صوتها الخلاب برنات من الاسى تجعل المرء يقترب من نفسه في وحشة الاغتراب، ورغم ان امة العرب من الخليج إلى المحيط لم تصب بعقم ديموغرافي، بل انها امة ولود، تدهش غزارة مواليدها دول عدة في العالم اصيبت بـ «تبتل» سكاني .
التاريخ قد يعيد نفسه، ولكن الغناء ليس كما التاريخ في خصلة الاعادة، ويقولون انه يخلق من «الشبه» اربعين، ولكن الصوت الغنائي بصمة صاحبه التي لا تتكرر، والا لظهر في هذا الفراغ الغنائي الموحش كوكب شرق جديدة، وعندليب آخر، وأسمهان اخرى، ومحمد عبد الوهاب جديد، وفريد اطرش آخر...الخ، ولإنسحب ثغاء المعيز إلى حظيرته .
مشكلة المطربين الجدد مع جيلنا - المولود في خمسينات وستينات أو حتى سبعينات القرن الماضي - انهم لم يستطيعوا ان يملأوا الفراغ الذي نشأ في حياتنا بعد رحيل هذه القامات الفنية العبقرية غير القابلة للتكرار، فلازلنا نستمع إلى فيروز واقطاب زمنها، بل المبشر في الامر، ان اجيالا، هي في عمر الاحفاد، صارت تشاركنا تفضيلنا ومحبتنا لهذه القامات والاصوات الجميلة العتيقة، ولا تخفي اعجابها بهذه العبقريات الغنائية، بل واعرف شبابا صاروا لا يحتفظون في سياراتهم الا بأغاني فيروز وشادية والعندليب وفايزة احمد ونجاة الصغيرة.. الخ، ما يعني ان الذائقة الغنائية قد استردت عافيتها، وان الغناء العربي الجميل والاصيل، له طبائع الذهب في احتفاظه بقيمته وبريقه، كما قد يعني هذا الموقف الشبابي المستجد ازاء الغناء الجميل «فيتو» على الإدعاء الفني وكثير من الغناء الجديد، الذي اظنه سوف يتعين عليه أن يصوب ويطور معاييره والذهنية التي تكتب بها كلماته والموسيقى التي تعزف هذه الكلمات، والاصوات الغنائية التي تعيد كتابة ما تغنيه بحناجرها الذهبية .
بقلم : حبشي رشدي
copy short url   نسخ
29/11/2016
1153