+ A
A -
على الرغم من عملية التحديث النشطة في مجتمعنا القطري وتبعاتها الاجتماعية، لاتزال الشخصية القطرية الاصيلة محافظة على جمال الروح الذي جُبلت عليه، نعم أصبح المجتمع يدفع تكلفة اجتماعيه أكبر من ذي قبل نتيجة طبيعية للتغير والتطور في طبيعة المجتمع وفي دور الدولة كذلك عما كان في السابق. هناك بقايا طيبة من الآباء تدرك الابناء وتصلهم بتراثهم الاجتماعي التوافقي، كثير من الشباب الذين نتعامل معهم يوميا، لانعرفهم شخصيا ولكن نعرف آباءهم أو أقرباءهم الاكبر سنا الراحلين منهم أوالذين لايزالون على قيد الحياة، فتشعر بحرارة العلاقة القديمة وقد تجددت مع هذا النشء الصغير، وكأنك تعيش عصر والده الذي عاصرته.تميز المجتمع القطري عن غيره من المجتمعات الخليجية بوجود المجالس ذات الطابع الاجتماعي بالذات بعيدا عن السياسة أو الايديولوجيا، مجالس تقوم على تنقية السلوك الاجتماعي للأبناء بشكل يجعل من التوافق سبيلا وخيارا متاحا لجميع أفراد المجتمع، أنا أعتقد أننا أمام تحد كبير للإحتفاظ بجمالية مجتمعنا القطري المتمثلة في علاقاته مع بعض البعض، حيث لم يعد ظاهرا منها اليوم سوى الالتقاء في مناسبات الزواج ومناسبات العزاء، حيث تجد حضورا كبيرا وشوقا متلهفا للقاء وكأننا نعيش في مجتمع تفصله مساحات هائلة عن بعضه البعض. المهم أن لايشعر المجتمع بالغربة عن ذاته، ميكانزمات التواصل الاجتماعي لم تعد متوفرة بالشكل السابق الذي يخلق روحا حميمية نتيجة التواصل اليومي، لذلك قيمة جيلنا الحالي في نقل ذلك ولو شفاهة إلى النشء الجديد الذي ابصر النور مع بداية التحولات التي أتت على طبيعة المجتمع المادية التي تشكل ذاكرة هامه للبعد المعنوي لأفراد المجتمع، لايزال المجتمع القطري جميلا بأفراده، لايزال جميلا بمجالسه، لايزال جميلا بطيبة أهله، لايزال جميلا بعلاقاته التي يمكن أن يقيمها ببساطة بمجرد استذكار الماضي المشترك. روح المجتمع السارية حتى الآن يجب المحافظة عليها، كنت في زيارة أخ عزيز بمناسبة زواج أحد أبنائه، وجدت المجتمع عنده، مباركا وفرحا، وفي مناسبة حزينة لصديق آخر، عزيته، وجدت المجتمع عنده معزيا وحزينا. هذا هو المجتمع القطري الجميل، وهذه هي روحه السارية عبر الزمن، اللهم احفظ حاضرنا كما حفظت ماضينا ويسر لنا مستقبلنا بدعاء الضعيف منا.
بقلم : عبدالعزيز الخاطر
copy short url   نسخ
28/11/2016
1340