+ A
A -
ونحن نحتفل بالذكرى السنوية لليوم الوطني، ومن الهام جدا في نظري التأصيل الثقافي لمعنى اليوم الوطني أكثر من الاحتفال به ولي هناك بعض الملاحظات أود لو أذكرها أو أُذكر بها. أولا: أول فكرة يطرحها أي احتفال باليوم الوطني هي فكرة «الهوية» بل أول انطباع للزائر للاحتفال هو الخروج بانطباع أو تصور عن هوية المجتمع صاحب الاحتفال ثانيا: قضية الهوية، قضية فارقة وهامة في تطوير وتنمية المجتمعات، لكن يجب ألا تكون هدفا في حد ذاتها لأن مجرد الخوف عليها يعني فقدانها يكفي الوعي بها كقطار للمستقبل أكثر منها استراحه على رصيف الماض ثالثا: إذا تصور المجتمع أنه يحمل هويته مكتمله خلفه، أصبح في موقع الدفاع وليس الإبداع وفي موقف التكور والتحوط وليس في وضع الانفتاح نحو الممكن دائما، لذلك من المهم تجديد الاحتفال مع تجدد هوية المجتمع. رابعا: هوية المجتمع دائما أمامه يخلقها ويبدعها مع تطوره، ليس على حساب ماضيه بالطبع ولكن بتجدد رؤيته لذاته ولمستقبله. خامسا: لا يعني انفتاح الهوية على المستقبل والتجدد، التفريط في جزء أو أجزاء من المجتمع على حساب جزء آخر، أو العبث بشكل يجعل يعزز من سيطرة مكون على آخر داخل المجتمع. سادسا: الخروج من ظاهرة الأحادية في اختزال الهوية إلى التعدد، ومن صفة التشابه إلى التنوع، الهوية الغنية هي الهوية التي يلازمها التعدد والغنى الثقافي، اختزال المجتمع في شمولية ثقافية واحدة إفقار للهوية. سابعا: كما ذكرت سابقا وأكرر هنا أن البعد الهام والضروري يجب أن تكون الرؤية المستقبلية، يعني ما الفرق الثقافي الواضح والظاهر بين احتفالنا الأول واحتفالنا اليوم باليوم الوطني. ثامنا: جميل جدا شعار اليوم الوطني المأخوذ من أقوال المؤسس الشيخ جاسم ورؤيته حول ضرورة مناصرة المظلوم والمغبون، فبالتالي أهمية أن تكون هناك دائما «رؤية» واضحة أكثر من طقوس احتفالية تأخذ يومين ثم تنتهي. تاسعا: هوية المجتمع دائما بحاجة إلى المجتمع ليضيف إليها ويبلورها بما يخدم حاضره ومستقبله، أكثر من حاجته إليها مكتملة متوارثة سلمت إليه جاهزة ويسلمها لمن بعده وصية ثابتة، يجب كسر هذه الدائرة لأن فيها من الاحتكار الكثير عاشرا: لا يمكن التقدم في أي مجال من مجالات التنمية مع وجود الهوية المكتملة لأنها تسكن الماضي وتوقفت عند لحظة معينة منه وتبدأ في الصراع على الحفاظ على ما أنجزته، كما لا يمكن التقدم كذلك مع انتهاك الهوية بقصد الهندسة الاجتماعية للمجتمع لغرض أو لآخر. أحد عشر: الهوية الوطنية هي الهوية الأم التي يجب التركيز عليها كشعار وكاحتفال، الهويات الصغرى يجب ألا تطغى على الهوية الوطنية، إثنا عشر: الهوية ليست جواز السفر أو الحصول على الجنسية، لا هي أبعد من ذلك وأعمق من ذلك، الهوية تكوين ثقافي يمتلك الماضي وله رؤية ثابتة نحو المستقبل، وهو جزء من ثقافة المجتمع، بحيث لا يمكن فرزه بعيدا عنها حتى مع سحب جواز سفره أو إسقاط جنسيته. فلا يجب الخلط بين الاثنين، ثلاثة عشر: الهوية ليست مجالا للتسابق على إثبات الوجود، لذلك أرجو أن يرتفع الاحتفال إلى مرحلة الاطمئنان لجميع فئاته وأجزائه، لأن الهوية لا تستدعى للتعبير عن ذاتها هي تملك ذاتها في الأساس وكل ما تحتمله هو التعبير عن ذلك بشكل حضاري، كما أن اعتبار التراث جزءا من الحاضر وليس فقط ماضيا نعود إليه في مناسبة سنوية أمر في غاية الأهمية.
بقلم : عبدالعزيز الخاطر
copy short url   نسخ
27/11/2016
2227