+ A
A -
- 1 -
حملت الصحف السودانية خبراً يُبشِّر بارتفاع عائدات السياحة السودانية إلى مليار دولار.
قيمة الخبر ليست في المبلغ، بل في الظرف الذي ورد في سياقه، إذ إن السودان يعاني شحاً كبيراً في موارد النقد الأجنبي. تراجعُ قيمة العملة المحلية بدأ عقب انفصال الجنوب الذي تحتوي أراضيه على أكثر من ثمانين في المائة من الثروة النفطية.

شح العملات الأجنبية، بعد خروج البترول من الدورة الاقتصادية، أثّر بصورة سالبة على حركة الاقتصاد وعلى معاش السكان.
ارتفعت معدلات التضخم، واختل الميزان التجاري، بصورة لا تزال تمثل مصدر قلق للممسكين بإدارة الاقتصاد في الدولة السودانية ومصدر معاناة للمواطن السوداني.
لا حديث في الدوائر الحكومية والشعبية وفي أجهزة الإعلام السودانية إلا عن القرارات الاقتصادية الأخيرة المتمثلة في رفع الدعم عن سلع استراتيجية، وصدور قرارات من البنك المركزي لجذب مدخرات المغتربين السودانيين في كل مهاجر العالم.
الجدل لا يزال مستمراً بين الاحتجاج على القرارات والتبرير لها، والوضع بين شد وجذب.
-2-
إعلان وزارة السياحة السودانية عن توقع ارتفاع عائدات السياحة إلى مليار دولار وأكثر، يعتبر من الأخبار المحفزة على التفاؤل، مع أخبار أخرى تتحدث عن تصاعد إنتاج الذهب من مواقع التعدين، فهو يمثل أهم دخل لخزانة الدولة من العملات الأجنبية، يضاف إلى ذلك النجاحات الكبيرة التي حققها الموسم الزراعي الصيفي من إنتاج كميات وفيرة من المحاصيل توصف بأنها غير مسبوقة.
تسعى الحكومة السودانية بجهد كبير لتطوير البيئة السياحية، بحيث تصبح من أهم موارد الدخل القومي ومصادر العملة الأجنبية.
لعل أكثر ما حفز الحكومة السودانية للمضي في هذا الاتجاه بخطى مسرعة، الدراسات الجديدة للحضارات التاريخية الإنسانية في منطقة الشرقين الأوسط والأدنى والتي أثبتت أن الحضارات التاريخية في شمال السودان تعتبر الأقدم في المنظومة العالمية وأن منطلق الحضارة الفرعونية ومركز سلطتها كان في شمال السودان، وتم إيراد شواهد قوية ضمن كتب وأبحاث لمؤرخين وأثريين أوروبيين.
-3-
أيادي دولة القطر الممدودة بالخير والعطاء، دون مَنِّ أو أذى، تقوم بمهمة عظيمة، وهي إعادة كتابة التاريخ على الواقع وتصحيح مسار الحقائق.
المشروع القطري الهدف منه إعادة إحياء وترميم واكتشاف الآثار السودانية بالولاية الشمالية بتمويل بلغ 135 مليون دولار، وقد قطع أشواطاً بعيدة من الإنجاز والعمل المتقن.
لم تقتصر الجهود القطرية على العمل الدؤوب في تلك المناطق الصحراوية فهي ممتدة لتأهيل المتحف السوداني القومي، بجانب عمل الشركات في مجال الاستكشاف وصيانة الآثار لإقامة متحف بمنطقة البجراوية في نهر النيل ومتحف آخر في جبل البركل.
-4-
المعلومات التي توفرها المصادر المتعددة تفيد بترميم العديد من الآثار والمتاحف واستكمال بناء منشآت المشروع القطري في منطقة البجراوية ومروي بمواصفات فندقية بمبلغ 10 ملايين دولار وسيتواصل الترميم في الآثار لتحافظ على شكلها، وتقوم بالعمليات الترميمية 40 بعثة أجنبية و13 بعثة محلية في ولايات نهر النيل والشمالية والخرطوم والبحر الأحمر.
استطاع المشروع السوداني القطري في مدى زمني قصير ترميم «100» هرم في منطقة ولايتي الشمالية ونهر النيل للآثار، والعمل لا يزال جارياً للوصول لاكتشافات جديدة قد تمثل مفاجآت كبرى في عوالم السياحة وحقائق التاريخ.
-أخيراً-
أكثر ما يلفت النظر ويستدعي الانتباه، أن قطر وهي تهتم بالآثار السودانية، تفعل ذلك إكراماً للشعب السوداني الذي يحمل لها كل الحب والتقدير.
أزلية العلاقة بين البلدين مصدرها طيب المشاعر المتبادلة قبل المصالح المشتركة.
أولى هجرات النخب السودانية إلى دول الخليج كانت إلى قطر، وهنا يحضر اسم المشير عبد الرحمن سوار الذهب رئيس السودان السابق، والأديب الطيب صالح وغيرهما من الكفاءات، وقد عززوا الصورة الذهنية الجيدة للسودان في الدوحة، مما جعل العلاقة بين البلدين تقوم مستندة على أسباب تاريخية ووجدانية ومصالح راهنة.

بقلم : ضياء الدين بلال
copy short url   نسخ
27/11/2016
4063