+ A
A -
حين قال دونالد ترامب خلال الحملة الانتخابية إنه سيمزق الاتفاق النووي رد عليه المرشد للثورة الإسلامية علي خامنئي بأن إيران ستحرق الاتفاق. حينها كان الحديث عن مرشح للرئاسة طريقه ليست معبدة إلى البيت الأبيض. الرد الإيراني كان في ذات الوقت تعبيرا عن عدم الاكتراث، لكن ذلك لم يكشف كل الحقيقة لفهم الموقف الإيراني. فالاتفاق النووي الإيراني فتح أفقاً للعلاقة بين طهران وواشنطن في وقت كانت فيه طهران تحتاج تلك العلاقة وترى فيها مخرجاً آمناً ولو بشكل مؤقت.
كما أن الاتفاق مثّل مخرجاً أمام الرأي العام الداخلي في مسألتين: الأولى يظهر النظام السياسي بمنزلة المتنازل من أجل رأيه العام، لا سيما وأن الرأي العام يتوقع تحسناً في الوضع الاقتصادي بعد الاتفاق. الثانية إغلاق الباب كلياً أمام المطالبات بتغيير النظام وبالتالي تركيز النظام على اشتباكه الإقليمي في الشرق الأوسط الذي يبدو أنه أصبح مكلفاً سياسياً وإنسانياً للنظام السياسي في إيران.
من انكشاف غبار المعركة الانتخابية وظهور النتائج حصل ما كان غير متوقع من الكثيرين وربما من إيران ومريديها في واشنطن والذين كانوا يرون أن جهودهم ستنجح في فتح فصل جديد في العلاقة بين إيران والولايات المتحدة الأميركية. نجح المرشح الذي تحدث عن تمزيق الاتفاق، ولم يقف الأمر عند نجاحه بل أتبعه بخيارات سياسية لن تكون مريحة لمن ساندوا الاتفاق النووي سواء في طهران أو في خارج طهران. خيارات قد تسعد بشكل محدود من عارض الاتفاق لأن تلك الخيارات تبدو متطرفة نحو الجميع وتريد أن تعصف بالجميع بما فيهم إيران.
المرشحون لتولي وزارة الخارجية ميت رومني المرشح في الانتخابات الرئاسية للعام 2012 وجون بولتن وبوب كروكر ونيكي هيلي محسوبون جميعاً على تيار الصقور في المعسكر الجمهوري لا بل إن أحدهم وهو جون بولتن يؤمن بضرورة تغيير النظام السياسي في إيران.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل أن مدير وكالة الاستخبارات الأميركية الجديد مايك بومبيو يرى أن «إيران أكبر راعية للإرهاب».
بالطبع مثل هذه الاختيارات قد لا تعني تغييراً جذرياً سريعاً نحو إيران، لكنها ستعصف بالأجواء الإيجابية التي عاشتها طهران خلال عام ونحوه من الاتفاق.
والإيجابية هنا كانت تعني تراجع القوى الكبرى عن التركيز على البرنامج النووي الإيراني واختفاء الكثير من الحرب الكلامية التي تهدف إلى شيطنة إيران تمهيداً وتبريراً لضربها.
خلال السنوات التي سبقت الربيع العربي ورئاسة باراك أوباما كانت إيران تبدو مبادرة وتلعب لانتقاء الأدوار وأحجام تلك الأدوار، لكن الأمور تغيرت بشكل تبدو فيه إيران متوسعة بشكل فيه القليل من النفع السياسي لا بل فيه تشكيل وعي مضاد وسلبي وربما عدواني ضد إيران لا سيما في جوارها العربي ومحيطها الإسلامي.
انتخاب دونالد ترامب ستُرى ارتداداته أولا في المشهد السياسي الإيراني ثم في السياسة الخارجية، وسيتجلى ذلك في معركة الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقرر أن تكون في مايو المقبل. ارتدادات ستظهر بين المؤسسة العسكرية والمؤسسة السياسية من جهة وبين القوى السياسية داخل المشهد السياسي المتعارف عليها من محافظين وإصلاحيين من جهة أخرى حيث ستكون السياسة الخارجية وجزئية البرنامج النووي محوراً مهماً في هذه الحملة الانتخابية.

بقلم : محجوب الزويري
copy short url   نسخ
26/11/2016
3121