+ A
A -
لا تزال صحف العالم بأسره تنشر سيلا من المقالات التحليلية والتحقيقات الصحفية حول فوز ترامب بالرئاسة في الولايات المتحدة الأميركية، ولا تزال البرامج التليفزيونية تستضيف الخبراء والمراقبين لاستشراف علاقات دول العالم بالولايات المتحدة الأميركية في عهد هذا الـ «ترامب»، وسيظل الوضع هكذا حتى تنصيب هذا الرئيس الأميركي الجديد رقم خمسة وأربعين في البيت الأبيض في العشرين من يناير القادم وحتى بعد التنصيب.
ويحق للعالم أن يفزع وأن يصاب بما يطلق عليه البعض هوس ترامب، بسبب هذا الفوز الذي كان بمثابة المفاجأة الصادمة للكثيرين، بمن فيهم أطياف غير قليلة من الشعب الأميركي نفسه، وهذا الفزع الذي لف العالم له مايبرره، فأميركا هي الدولة الأقوى في العالم عسكريا واقتصاديا وصناعيا وبالطبع سياسيا.
غير أن هناك مجموعة من الثوابت في السياسة الأميركية قد يغفل عنها البعض، أو لا يعرفها كثير من الناس خاصة في عالمنا العربي، من أهمها أن أميركا لا تهتم كثيرا بمن يجلس في البيت الابيض، لأنها تعرف أنه مؤقت لمدة أربع سنوات أو ثماني سنوات كحد أقصى، وفي كثير من الحالات لا يقدم ولا يؤخر فيما يتعلق بالسياسة الخارجة، والدليل على هذا أن باراك أوباما أنهى ثماني سنوات كرئيس لأميركا دون أن يستطيع تنفيذ وعد واحد من تلك الوعود التي أطلقها فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، كما أن بوادر تراجع ترامب عن كثير مما وعد وتوعد به بدأت تلوح في الأفق، إذ عندما اندلعت مظاهرات ضده في بعض الولايات خوفا من ترحيل من ليسوا من أصل أميركي قال لهم: «لا تخافوا»، والشعب الأميركي من عادته ألا ينشغل بالسياسة الخارجية، وإنما يتركها لذوي الاختصاص، فكل ما يشغله هو تحصيل المال، ومن هذه الثغرة تسلل لهم ترامب باعتباره رجل مال وأعمال، فأخذ يخاطبهم بما يريدون، فيعدهم بتحصيل الأموال من الدول التي تقدم أميركا دعما أمنيا وعسكريا لها، بما في ذلك دول الاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية، وهذا ما يريده الأميركان.
لذلك أرى من وجهة نظري أن الأمر لن يتغير كثيرا في السياسة الأميركية تجاه الخارج، وعليه أتمنى أن يتفرغ العرب والمسلمون لمستقبلهم، وأن يصفوا ما بينهم من خلافات بالحوار والسلام، كفانا نزاعات وكفانا تعليق مصائرنا بيد غيرنا، فالدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي والأعضاء في جامعة الدول العربية لو اتحدت لاستطاعت فعل الكثير، وتشكيل ورقة ضغط لانتزاع حقوقهم من أيادي غيرهم.
علينا أن نتفرغ لمعرفة أنفسنا ومعرفة العالم من حولنا، فأميركا التي لا يعرفها كثير من العرب والمسلمين بها 1100 بيت خبرة، منها حوالي 450 بيتا متخصصا في دراسة العرب والإسلام، ونحن العرب لا يوجد لدينا بيت خبرة واحد لدراسة وفهم أميركا التي نربط بها مصائرنا.. ودمتم سالمين.
بقلم: آمنة العبيدلي
copy short url   نسخ
24/11/2016
1365