+ A
A -
في رمضان الماضي والذي قبله وربما في رمضان القادم أيضا شاهدنا وسنشاهد مسلسلات هزيلة وهزلية لممثلين لهم تاريخ أو يفترض أن لهم تاريخا ينبغي الحفاظ عليه، وظهرت أسماء لمؤلفين موهبتهم الوحيدة هي نقل مشاهد كاملة من أعمال أجنبية وتعريبها وتغريبها في نفس الوقت، مشاهد تحشر حشرا لتغطي الساعة التليفزيونية المطلوبة عند المحطات، منذ زمن بعيد حذر النحات الفرنسي الشهير «رودان» تلاميذه من الاندفاع وراء المحاكاة والتقليد فقال لهم: إنني أهيب بكم أن تكونوا صادقين. أن كل فن حقيقي ينبع من الباطن. فلتكن كل أشكالكم وكل ألوانكم معبرة عن عواطف حقيقية. واعلموا أنه حيث لا تكون حقيقة باطنه فلن يكون ثمة فن، كونوا صادقين إلى أقصى حد. والى أعمق درجة. ولا تترددوا في التعبير عما يجيش في صدوركم. حتى لو شعرتم بأنكم على غير وفاق مع الأفكار الشائعة. أن الموضوعات الجميلة كائنة أمامكم في كل مكان. وهي لا تخرج عن كونها تلك الموضوعات التي تعرفونها حق المعرفة، إن كبار الفنانين هم أولئك الذين ينظرون بعيونهم إلى ما رآه الناس جميعا من قبل. ويعرفون كيف يدركون الجمال فيما هو عادي ومألوف بالنسبة إلى أذهان العامة من الناس. أما الفنانون العاجزون فهم أولئك الذين يشعرون دائما بالحاجة إلى استعارة نظارات الآخرين. أن بيت القصيد هو أن يهتز الفنان ويحس ويعشق ويأمل ويرتجف ويحيا. ومعنى هذا أن المهم هو أن يكون إنسانا. قبل أن يكون فنانا. والفنان يصنع التطورات ولا يضع يده على خده في انتظار حدوثها... والفنان الحقيقي هو الذي يتعلم من الجميع. ولا يسرق جهد غيره وينسبه اليه بعد تشويهه، واستشهد هنا بكلمات الشاعر «صلاح عبد الصبور» حين قال: في العالم العربي الآن أدباء بلا ادب. وفنانون بلا فن. وكتاب أميون. ومعلقون سياسيون لا يقرأون الصحف. ومجموعة تحمل راية التجديد، وتردد هتافات المستقبل والحياة والشرف، ويرتكبون باسم كل هذه الاشياء أكبر الحماقات. هل هم يعرفون ماذا يفعلون؟ وهل يقدرون الاساءة التي يلحقونها بالادب والفكر والسياسة وبكل ما هو عظيم في الإنسان. أم هم لا يعرفون أنهم يعبثون والدنيا من حولهم جد في جد. والمواقف تتطلب اشخاصا يستطيعون أن يرتفعوا إلى مستواها..، وأن تحلق رءوسهم فوق ضبابها وزبدها. وان تكشف وتنير وتوضح الطريق....إن كانوا يعرفون فهم يخدعوننا ونحن لا نحب الخداع. وان كانوا لا يعرفون فهم في حاجة إلى المعرفة. إلى الكثير من المعرفة. إن الادباء الشباب لا يقرأون كما قال عميد الادب طه حسين منذ عشرات السنين.. وان قرأوا لا يفهمون ما قرأوا. انهم يؤثرون السهولة على الجهد. والعبث على الجد. ومنتهى السهولة تحويل القلم إلى خنجر. والكلمة إلى رصاصة. كل هذا باسم الفن..
بقلم : وداد الكواري
copy short url   نسخ
23/11/2016
1382