+ A
A -
حين ولد الأديب الفرنسي «فولتير» تنبأ له الأطباء بالموت، واضطر أبواه إلى تعميده تمهيدا لدفنه، ولكن الطفل الضعيف خيب أمل الاطباء وعاش حتى بلغ الرابعة والثمانين من عمره. بعد أن مهد لقيام الثورة الفرنسية وأثرى المكتبات بكتب قيمة منها (بحث في العادات) الذي أشاد فيه بالإسلام وبرسولنا محمد عليه افضل الصلوات. سألوه في عيد ميلاده الواحد وثمانين: كيف استطعت ان تتحدى الموت. فقال: لم أكف لحظة واحدة عن العمل، أما الافكار التي ملأت رأسي وصدري فهي لم تأت الا بعد أن تقدمت بي السن، ما أشبه الفكرة الجديدة باللحية. ان الرجل لا تنمو له لحية الا عندما يكبر وينضج وتتقدم به السن. ويعيش تجارب الحياة. هكذا ولدت كل افكاري مع لحيتي. كل ما صنعته انني تركتها تنمو. ومن أجمل وأرق العبارات التي قالها قبل وفاته هي «أنني أعبد الله وأحب اصدقائي ولا أكره أعدائي وأمقت الخرافات».. أما رئيس الوزراء في بريطانيا أيام الحرب العالمية الثانية واكثرهم شهرة «تشرشل» الحائز على نوبل للآداب. والذي كان سياسيا ورساما وكاتبا، وصاحب عبارة «الستار الحديدي» وإشارة النصر باصبعيه والتي يستخدمها الكثيرون الآن دون ان يعرفوا انه أول من قام بها. فقد توقع الجميع موته لسنوات ووضعت الحكومة كلمة سر تعني موته والبدء باعداد الجنازة وهي (لا أمل) ومع ذلك عاش طويلا، ويروى عنه أنه اصطدم بشاب صغير في الثامنة عشرة وهو يعبر مجلس العموم الذي قضى فيه نصف قرن. فاذا بالشاب يعتذر ويردد عبارات الأسف. ثم انتبه لشخصية العجوز الذي كان يظنه قد مات منذ فترة طويلة فقال بصفاقة الشباب: لقد وجدت اخيرا شيئا أرويه لاصدقائي وأفاخر به أمامهم. ساقول لهم اني اصطدمت بكتف السياسي العجوز المخضرم الذي قرأنا وسمعنا عنه ونظن انه من التاريخ القديم، ولم يستطع تشرشل التغاضي عن هذه الكلمات ورد عليه قائلا: انني أسعد منكم حالا يا معشر الشباب. قد تكون السن تقدمت بي حقا. ولكنني أزداد شعورا بالسعادة، أنتم سعداء لانكم غارقون في حماقات الشباب وشهواته. أما أنا وامثالي من العجائز الذين تقصدهم فسعادتهم من لون آخر لا تعرفونه. إنهم يجدونها في العقل والحكمة. وتجربتهم الطويلة في الحياة.
ولقد صدق. ففي حين يفخر الشباب بلقائهم بالعظماء يحق للعظماء ان يفخروا بالانجازات والافعال لا بالكلام.
بقلم : وداد الكواري
copy short url   نسخ
21/11/2016
1110