+ A
A -
تابعت كبقية الملايين عبر العالم وقائع الانتخابات الأميركية، وما اتسمت به من شدة المنافسة وقمة الإثارة خلال المناظرات، وما شهدته من تبادل الاتهامات، والتراشق بالشتائم التي وصلت في كثير من الأحيان إلى حد البذاءات، وهذا كله يعد أمرا عاديا في بعض الحملات الانتخابية.
انتهت الانتخابات وفاز ترامب وعاد الحزب الجمهور إلى البيت الأبيض من جديد، والحقيقة التي لا يعرفها كثير من الناس أن هناك شبه اتفاق معلن بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي على تبادل فترات الرئاسة، لذلك علينا كعرب ألا نعوِّل كثيرا على فوز هذا الحزب أو ذاك، وإنما علينا أن نعتمد أو نعوِّل على أنفسنا أولا وأخيرا، لأن أي رئيس أميركي لن يدخل البيت الأبيض من أجل أن يحل مشاكل العرب، ولا من أجل مصالح العرب، إنما يدخل من أجل أن يحقق مصالح شعبه ومن أجل أن يوسع من شعبية حزبه.
أقول هذا الكلام لأنني تابعت من بين العرب من كتب متمنيا فوز هيلاري كلينتون، ومنهم من كتب راجيا فوز ترامب، وذكرتني مثل هذه الكتابات بالحالة التي سادت المناخ العربي عندما فاز باراك أوباما في فترة ولايته الأولى، حيث كان العرب أشد فرحا وسرورا بفوزه من فرح وسرور من أعطوه أصواتهم، وظن كثير منهم أنه بمجيء أوباما إلى سدة الحكم في أميركا تحررت فلسطين وانتهت إسرائيل، فإذا بالحقيقة تتجلى عاما بعد عام وهي أن سنوات حكم أوباما هي أسوأ سنوات مرت على القضية الفلسطينية منذ قيام الكيان الإسرائيلي.
ومن العجائب والعجائب كثيرة أن ترامب لم يدع مناسبة تمر خلال حملته الانتخابية إلا ويؤكد أن الإسلام هو العدو الأول للولايات المتحدة الأميركية، ثم تأتي المفاجأة أمس لتقول إنه حصل على 65% من أصوات المسلمين الأميركيين، مما يؤكد أن الأميركيين من أصول عربية وإسلامية قد فقدوا البوصلة مثل دولهم، فلم يعرفوا الطريق الذي يجب أن يسيروا فيه، فتاهوا وناصروا من ناصبهم العداء علنا.
حاليا تقام في دهاليز السياسة الإسرائيلية ورش عمل لتحدد كيف ستكون علاقات إسرائيل بالرئيس الأميركي الجديد، وكيف يكسبونه لصالحهم بمساعدة اللوبي الصهيوني في أميركا، بينما في الوقت ذاته ينشغل العرب والمسلمون بالنزاعات بين بعضهم البعض، ولا أظن أن هناك في وطننا العربي من يدعو لموقف عربي موحد تجاه السياسة الأميركية في المرحلة الجديدة مع بدء ولاية رئيس أميركي جديد، ذلك لأن مواقف الدول العربية متباينة بينها وبين بعضها، فكيف ستتوحد في علاقاتها مع الولايات المتحدة الأميركية!.
العلاقات الدولية لا تقوم بناء على العواطف والمشاعر الرومانسية الجياشة، أو بناء على مراعاة القيم الإنسانية والمعايير الأخلاقية، ولكنها تقوم على تحقيق المصالح وتبادل المنافع، ونحن جزء أصيل من هذا العالم نتفاعل معه ومع أحداثه، خاصة في أميركا شريطة أن تتفاعل أميركا معنا أيضا، فلا يصح أن نكتفي بأن نتأثر بردود أفعال الأحداث لديهم، وإنما علينا أن نكون مؤثرين أيضا.. ودمتم.

بقلم : آمنة العبيدلي
copy short url   نسخ
12/11/2016
1414