+ A
A -
لا جدال في أن للصداقة سواء الإيجابية منها أو السلبية تأثيرها القوي عـلى الفرد والمجتمع، فهي رابطة محـبة ومودة حين تكـون صداقة خيـر، ومبعـث للضياع والألم والـندم والحسرة حين تكـون صداقة شر، وما يتمناه كل الآباء والأمهات هـو أن يُنعم الله سبحانه وتعالى عـلى أبنائهم بأصدقاء صالحين، وأن يحفظهم ويبعـد عـنهم أصدقاء السوء حـتى لا يقعـوا في الخطأ، خصوصا إذا كان الأبناء في سن المراهـقة، هـذه المرحلة السنية الخطيرة التي تحتاج من الوالدين الحرص الشديد ومراقـبة الأبناء مراقـبة دقـيقة حتى لا يقعـوا في شباك الفاسدين المفسدين من الناس.
لقد اهـتم الدين الإسلامي الحنيف في اختيار الإنسان لأصدقائه لما له من أهمية وتأثير في بناء المجتمع، قال عـليه الصلاة والسلام: المرء عـلى دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل في اشارة منه صلى الله عـليه وسلم إلى تأثير الصديق عـلى الإنسان فهو الذي يلجأ اليه ويحكي له الكثير من أموره الحياتـية، فإن كان هـذا الصديق فاسدا أفـسد صاحبه وإن كان صالحا أصلح صاحبه لأن «الصاحب ساحب» كما يقول المثل المعـروف، وهي توصية من رسولـنا الكريم عـليه الصلاة والسلام للإنسان المسلم لأن يختار الصديق الصدوق.
عـلى المسلم أن يـبحث عـن الصديـق الذي يأخذ بيده ويـدله عـلى طـريق الصلاح والهداية، المرشد والناصح لنا لأن نسلك الطريق الصحيح السليم الذي لا اعـوجاج فـيه، الصديق الطيب السلوك المؤمن بالله المقـيم لفـرائض دينه، الذي يحذر صاحبه من مصاحبة المفـسدين الفاسدين حتى لا يندم يوم لا ينفع الندم، وعـلى الأب أن يجعـل أولاده تحت عـينيه لا يغـفل ولا يشغـله عـنهم شاغـل، وكم هـو جميل حين يتقـرب الأب من أبنائه ليشعـرهم بأنه ليس فقط مجرد أب لهم بل هـو أيضا صديق، وفي حال تأكده من أن ابنه يصاحب أصدقاء السوء عـليه أن يتدخل لـيحميه من شر أصدقائه الذين هم في حقيقة الأمر أعـداء يرتدون ثوب الصداقة المزيفة.
ودور الأم لا يقل أبدا في أهميته عـن دور الأب، إذ عـليها مراقـبة ابنتها حتى لا تضيع من بين يديها وسط زحام صديقاتها تسمع مشاكلها وتساعـدها عـلى حلها لتشعـرها بالاطمئنان، تضمها إلى صدرها لـتحس بدفء حـنانها وهـو يـتدفـق بكل حب إلى أعـماقها، تغـمض عـينيها عـليها، تحميها من غـدر الصديقات، تغـمرها بمحبتها لتعـرف ما بداخلها دون أن تتكلم أو تنطق بحرف، أن تضحي بشيء من «طلعاتها» اليومية من أجل صالح ابنتها.
الأبناء الآن يخالطون ويصاحبون الكثير من الـناس ومن جنسيات وديانات وعـقائد مختلفة، فـنحن الآن لم نعـد كما كـنا سابقا «كلنا عـيال قـرية وكل منا يعـرف أخـاه» وهـذا ما يجعـل الخوف يدب في نفـوس الآباء والأمهات، لأن في كثير من الأحيان يكون تأثير الصديق أكبر من تأثير الأب والأم، صحيح انه يجب أن نشعـرهم بثقتنا فـيهم ولكن هـذا لا يعـني أن نغـفل عـنهم ولا نراقـبهم أو عـدم السؤال عـمن يصادقـون ويصاحبون فلا بد من التحدث إلى الأبناء وتوعـيتهم وإرشادهم حتى وإن أبدوا امتعـاضهم من الاستماع إلى نصائح والديهم، فلا بد من أن تبقى العـيـن مفـتوحة عـليهم دائما.
مآسي لا حصر لها يعاني منها الـشباب من الجنسين لسيرهم في الطريق المنحـرف انطلاقا من تأثير صداقـتهم لأصدقاء السوء الذين حببوا لهم الضلال فكانت النـتيحة أن وصلوا إلى هـذا المصير المؤسف ليعـيشوا ويتجـرعـوا مرارة الحسرة والندامة لعـدم حماية أنفـسهم من شر سمعة أصدقاء السوء، ومن شر أذاهـم، فسحـبوهم معهم إلى كل ما هـو ممنوع وخبيث وسيئ.
لا شك أننا نـتأثر بالمحيطين بنا ويتأثرون بنا، منهم الأهـل والمعارف، إلا أن أهم وأخطر من نتأثر بهم هُم الأصدقاء، فاحذروهم.

بقلم : سلطان بن محمد
copy short url   نسخ
09/11/2016
2712