+ A
A -
اذا تحول المدح أو الذم إلى ثقافة وهما في الاساس موقف فأنت امام مجتمع معاق لانه حول الموقف المتغير إلى ثقافة ثابتة،على كل حال، فإن طيف الحراك المجتمعي في دول الخليج يتحرك على خط أُفقي طرفه الأول الاحتجاج بدرجته القصوى المتمثلة في النزول إلى الشارع إلى طرفه الآخر الأقصى المتمثل في المدح الزائد عن العادة. ولي هنا بعض الملاحظات على فكرة الاحتجاج وغرض المديح:
أولا: المجتمع محصلة آراء.. أفراد، بهم يصبح عددا وبآرائهم يصبح قيمة.
ثانيا: المد يح هو مدح تحول إلى «ثقافة» أو طبقه تسمى «المداحون أو المطبلون» فأصبح مديحا لا يرى سوى الحسن ولو كان الأمر سوءا وشرا مستطيرا. حتى أن المرء ليُسيء ومع ذلك يمدح على إساءته كما يذكر الشاعر محمود البارودي وأعظم شيءُ أن ترى المرء ظالما يُسيء/ ويتلى في المحافل حمده.
ثالثا: المديح كثقافة هو احتجاج سالب انقلب على صورته الجدليه المتمثله من فعل/ احتجاج/ فعل مركب يحمل في أحشائه حلا. إلى فعل/ عدم قدرة على الاحتجاج/ مديح.
رابعا: المجتمع الديمقراطي يقوم على الرأي والرأي الآخر ويستهجن المديح لأنه يضع العمل في إطار المسؤولية والمسؤولية في إطار القانون.
خامسا: الرأي الآخر دليل على حيوية المجتمع والمديح «الاحتجاج السالب» دليل على أنه مثير للشفقة.
سادسا: تتأثر جميع أوجه الاحتجاج عندما يعجز المجتمع عن بلورته ذاتيا أو نتيجة الخوف وتعرضه للقمع فيشيع الابتذال في الثقافة ويتحول النقد البناء نقدا شخصيا وربما مأجورا ويصبح الرأي خادما للإملاءات وليس رأيا حرا.
سابعا: إذا شاعت ثقافة المديح «الاحتجاج السالب» أصبح المجتمع مسرحا مهيئا للمؤامرة بأشكالها المتعددة لتعطل الصورة الجدلية التي تقود إلى التغيير بديناميكية وحيوية.
ثامنا: الثبات كثقافة موجودة في تاريخنا العربي والإسلامي تستمد قوتها من فهومات وتفسيرات كثيرة منها الديني ومنها الاجتماعي، فلذلك يبدو الاحتجاج مقصدا لكثير من الفتاوى المستهجنة له كخروج عن الطاعة واجتماعيا كمعصية لللثقافة الابوية.
تاسعا:
قيام المجتمعات على مركزية الصوت كما يوصفها «دريدا» يساعد على تكون «الاحتجاج السالب» الذي ذكرت، مركزية الصوت تتطلب منبرا لا يحتله سوى فرد معين أيا كان شكل هذا المنبر دينيا أم اجتماعيا،
عاشرا: يصبح المجتمع معرضا للانفجار بصورة أعنف من غيرها عندما يختفى الاحتجاج الايجابي والصحي ويشيع الاحتجاج السلبي بصورة ممقوتة لأنه سقف مقفل وكسر لمعادلة التطور وإيقاف لمسيرة التاريخ القائم على التغير المستمر..
أحد عشر: عندما تطبل الصحافة، تفقد خاصيتها التحليلية والنقدية وعندما يطبل رئيس التحرير دونما لازم يصبح عضوا في فرقة «حسب الله» الشهيرة.
بقلم:عبدالعزيز بن محمد الخاطر
copy short url   نسخ
08/11/2016
2161