+ A
A -
جاء في خبر تداولته الصحف مؤخراً أن كبرى منظمات أولياء أمور التلاميذ في إسبانيا دعت إلى الإضراب عن أداء الفروض المنزلية لأنها «تعكر حياة الأطفال من دون أن يكون لها أثر جيد على نتائجهم الدراسية» ولأنها «تمنع النمو الكامل للأطفال وتجعلهم سجناء المعرفة الأكاديمية البحتة».
حسب الخبر فإن إسبانيا تحتل المرتبة الخامسة من بين 35 بلدا في كمية الفروض المنزلية التي تعطى للتلاميذ إلا أن هذا لم يجعل من التلاميذ الإسبان متفوقين في الرياضيات والقراءة والعلوم وإنما هم في موقع متوسط مقارنة بغيرهم، بينما تحقق بلدان مثل فنلندا وكوريا الجنوبية نتائج أفضل رغم أن الفروض المنزلية في مدارسها لا تتطلب أكثر من ثلاث ساعات أسبوعيا (في إسبانيا أكثر من ساعات أسبوعيا).
في إحدى السنين طلب أحد التربويين بإحدى دول مجلس التعاون من مدير المدرسة التي التحق ابنه بها وسجل بالصف الأول الابتدائي، طلب منه أن يخبر المعلمين ألا يعطوا ابنه أي واجبات منزلية. قال له بوضوح إنه لن يقوم بأدائها وأنه كتب هذا في الرسالة التي سلمها إلى المدير وإنه يتحمل مسؤولية هذا الأمر. ذاك التربوي قال للمدير إنه من غير المنطقي أن يقضي التلميذ خمس ساعات أو أكثر في المدرسة يتعلم ثم يقضي مثلها في البيت وأكد له إن تعليم القراءة والحساب والعلوم وغيرها من مواد دراسية هي مسؤولية المدرسة وأن هذا الأمر ينبغي أن يتم فيها وليس في المنزل.
كان الطلب غريبا ولم يستوعب في حينها، لكن مع الوقت تبين أنه هو الصح وأن المدرسة في مختلف دول التعاون والبلاد العربية إجمالا هي الخطأ، وهو ما تأكد في مثال إسبانيا وفنلندا وكوريا الجنوبية وتضمنه الخبر أعلاه. ومع هذا لم يتخذ المسؤولون عن التعليم في دول التعاون بعد قرارا بمنع المعلمين من تكليف التلاميذ بالواجبات المنزلية التي ترهقهم وتمنعهم من تعلم الحياة.
في السياق نفسه ينبغي التفكير جديا في مسألة دوام التلاميذ الصغار (الصفوف الثلاثة الأولى من المرحلة الابتدائية) ذلك أنه من غير المعقول أن يقضي الطفل ساعتين في الصباح للاستعداد للذهاب إلى المدرسة وضمان الوصول إليها قبل أن يقرع جرس الطابور ويدخل التلاميذ الصفوف حيث التأخير يمكن أن يعرضه إلى العقاب (على أيامنا كانت الخيزرانة ترقص على أكفنا صيفا وشتاء لو تأخرنا دقائق).
ما ينبغي أن ننتبه إليه جيدا هو أن هؤلاء أطفال وليسوا عمالا، ولا شيء يستدعي جلبهم إلى المدارس في ذلك الوقت المبكر كل يوم بينما النهار يستوعبهم في أي ساعة من ساعاته، تماما مثلما أن علينا أن ننتبه جيدا إلى أن كل التجارب أكدت أن الواجبات المنزلية لا تضيف إلى الطفل بل على العكس تسلبه الكثير من قدراته وتخسره الكثير من الوقت الذي يحتاجه عقله كي ينمو بعيدا عن تلك الفروض.
الأمر لا يستدعي القيام بإضراب كما عند الإسبان لكن التعرض لمثل هذين الأمرين صار أمرا مهما بل ضرورة.

بقلم : فريد أحمد حسن
copy short url   نسخ
08/11/2016
2828