+ A
A -
ليس الفن الحقيقي للمحادثة في ان تقول الشيء الصحيح في الموضع الصحيح فحسب،بل ان لا تقول الشيء الخطأ في اللحظة التي تغريك بقوله، ومن الامور اللافتة للنظر سرعتنا في الرد على أي سؤال أو استفساربسيطا كان أو عميقا دون تفكير،نلقي التحية بعجالة ونسأل عن صحة صديق أو زميل نلتقي به في العمل أو مصادفة ولا نعير اجابته اهتماما بل نتبع السؤال بسؤال آخر أو ندير ظهرنا له ونواصل السير. ننفعل بسرعة،ونغضب بسرعة،نصادق بسرعة وننهي تلك الصداقة بنفس السرعة وهذا مادفع الاديب الطبيب الراحل صبحي أبو غنيمة للكتابة في هذا الموضوع مخاطبا القارئ بقوله: جرب دوما قبل أن تعطي رأيا أو حكما أن تتمهل..تمهل دقيقة واحدة قبل أن تنطق بكلمة في أي شيء..في المرض..في الادب..في السياسة..وفي كل شيء..وثق أنك لن تندم،أنا وانت وذاك نمر في حياتنا بمئات من المشاكل كل يوم-في العمل-في الشارع-في البيت،وفي الحل والترحال،أي في كل مكان، فنتضايق،نلعن،ننتقد.نصرخ،نحتج،نمدح أو نذم وغالبا ما ينتج عن هذا التسرع ندم حيث لا ينفع الندم..لو...لو تمهلنا دقيقة واحدة فقط!قبل أن نحكم على هذا المغرور،وذاك اللص،وتلك المدعية والمتكبرة،تمهل..تمهل قبل أن تعلن رضاك أو نفورك دقيقة واحدة فقط،ستون ثانية لا أكثر، ترى هل تستطيع؟ هل نستطيع؟ لقد كتب المناضل والرئيس السابق لجنوب أفريقيا نلسون مانديلا في مذكراته أنه تأثر بزعيم قبيلته الذي أشرف على تربيته،حيث كان الاخير لا يتحدث الا بعد ان ينتهي الجميع من قول كل ما يريدون،وكانت له حكمة تقول: لا تدخل الحوار في وقت مبكر ومعظمنا ان لم نكن جميعا لا نصمت للتفكير في ما يدور حولنا بقدر ما نصمت لنصيغ عبارة أو حكاية تدل على فهمنا وحكمتنا أو سعة اطلاعنا.عبارة نقاطع بها المتحدث وليس فيها شيء من الفهم أو الحكمة. من المعروف كما قال الكاتب الالماني «جان بول ريشتر»..أن الإنسان يتلقى النقد والنصح بسهولة أكبر مما يظنه الاخرون،لكنه يرفض رأيا فرض عليه بالقوة،حتى وان بدا مبررا ومدموغا بالحجج والبراهين،وهذا يعني ان قلوب البشر تشبه الازهار،فهي تبقى مفتوحة لاستقبال الندى الذي يسقط عليها بلطف ورقه،لكنها تنغلق اذا انهمر المطر بغزارة.
بقلم : وداد الكواري
copy short url   نسخ
07/11/2016
1176