+ A
A -
كان هذا في الجاهلية شعاراً يطبقه الجميع، قال الشاعر قُرِيط بن اُنيف العنبري:
لا يسـألـون أخاهـم حيـن يـنـدُبهـم
في النائبات عـلى ما قـال برهـانـا
قـومٌ إذا الشـرُّ أبدى نـاجـذيـه لهُـم
طـاروا إلـيـه زَرافـاتٍ ووُحـدانـــا
ليس هـؤلاء قوماً يعرفـون الحق ويعتـز المرء بالانتسـاب إليهـم، إنهم شـر مطلق، عصابة مافيا من أسـوأ الأنواع. لكن سـيد المرسـلين كرر الوصية «انصر أخاك ظالمـاً أو مظـلوماً» وتعجـب الصحابة «أنصره مظلـوماً فكيـف أنـصره ظالماً؟» فـقال «تأخذ على يده وتمنعه من الظلم فتكون قد نصرته». سـعد لمجرد فنان مغربي شـاب، صعد بسـرعة الصاروخ، ولسـنا بصدد تقيـيمه فنياً، وإن كنت شخصياً لم أستسغ أغنيته التي «كسّرت الدنيا» وحققت أكثر من 400 مليون مشاهدة على يوتيوب «إنت معلم» ووجدتها لا قيمة فنيـة لها، والمغرب مليء بملحنين ومطربين ليسـوا أقل إبداعـاً من إخوتهم المشـارقة، ويكفي أن «مرسـول الحب» ما زالت على الألسـن منذ نحو نصف قرن وكذلك «جريت وجاريت». اعتقل هذا المغني في باريس بتهمة «الاعتداء ومحاولة الاغتصاب» والمدعية فتاة فرنسـية من أصل جزائري، وتبين أن المغني كان في حالة سـكر، واكتشفوا في غرفته «كوكايـين» وقيل إن على جسم الفتاة آثار عنف. المؤسـف أن هذا أمر عادي في عالم الفـن الذي يجب أن يكون جميـلاً. ولم ينتظر محبـوه وعشـاق أغانيـه نتيجـة التحقـيـق، بل امتـلأت وســائل التواصل بشعار «كلنا سعد لمجرد» ماذا إذا ثبتت عليه الاتهامات وقضت المحكمة بحبسه؟ هل يطالبـون بقطـع العلاقـات مع فرنسـا كما هـدد القذافي ذات يوم بقطعهـا مع سـويسـرا وسـحب أرصدتـه، لأن ابنه كان متهمـاً بالتحرش بعاملـة فندق والاعتـداء عليهـا؟ ما هـذه الغضبة الهوجاء الجاهلية؟ وصل الأمر بأحد محاميه إلى القول إنها مؤامرة واتهم دولة لم يسمها، ما شاء الله! فتح الله عليك. وللملك محمد السادس تقدير خاص في عقولنا، ولكننا كنا نتمنى على جلالته أن يربأ بنفسه والقصر عن الخوض في هذه المسـألة. ليس سعد لمجرد مناضلاً في سـبيل قضية فلسطين أو حقوق الإنسـان مثلاً وتعرض لمؤامرة، ليكلف الملك محاميـه بالدفاع عنه، ولو أنه كان مريضاً لا يتحمل قيمة العلاج وتبرع به الملك لقدرنا ذلك لجلالته، ولكنه غني متورط في قضية أخلاقية.
بالمقابل أنحني احتراماً للشـعب المغربي إذ عبّر عن أصالته ووعيه بالتظاهر والاعتصام بعد المأسـاة التي راح ضحيتها بائع السـمك الفقير محسن فكري، وحسـناً فعلت الحكومة حين فتحت تحقيقاً في الأمر، واعتقلت أشخاصاً في هذه المأسـاة المروعة، كي لا يصبح محسن فكري «بوعزيزي» آخر، وما من قانون يبرر تلك الجريمة.
بقلم : نزار عابدين
copy short url   نسخ
07/11/2016
12174