+ A
A -
نعم: آخر العلاج الكي..
مثل هذا العلاج العذاب، تجنح إليه كل الدول التي تنهار اقتصاداتها.
أسباب هذا الانهيار كثيرة، لكن أهمها السياسات الخائبة، والفساد، والبذخ الحكومي حتى في زمان المسغبة، وغياب ثقافة ما يسمى بترتيب الأولويات.
في السودان، لا يختلف اثنان على انهيار الحالة الاقتصادية، خاصة بعد فرار الجنوب بثروته البترولية، وإنسانه، وموارده الأخرى البكر.. وفي ظل الحرب التي تأكل الإنسان والموارد.. وتاكل الأحلام.
أيضا لا يختلف اثنان على غياب ما يسمى بترتيب الأولويات.. وفي هذا كتبنا: النقل العام قبل اليخت الرئاسي، والمساكن الشعبية قبل القصر الثاني والفلل الرئاسية.. وكتبنا المدارس قبل السجون، وإصحاح البيئة مع التوسع في المستشفيات والمراكز الصحية وتوفير الدواء بأسعار في متناول اليد قبل العلاج الإمبراطوري في الداخل والخارج.. وكتبنا التراكتور قبل الدبابة، وإصلاح الضمائر جنبا إلى جنب مع إصلاح الأراضي.. والبذور قبل الطلقة.
في السودان، بذخ حكومي.. هذا أيضا ما لا يختلف عليه اثنان.. وفيه من الفساد إلى الدرجة التي أنشئت فيه آلية لمكافحته، مع وقف التنفيذ!
آخر العلاج الكي.. نعم..
وهذا قول شائع قي ألسنة العامة.. وهؤلاء كانوا ليتقبلون هذا العلاج من أجل عيون السودان، لولا أن هذا العلاج كان يمكن أن يكون أقل كيا لو أنه ارتبط بسياسات ترتيب الأولويات ومحاربة البذخ الحكومي، ومنازلة الفساد بشفافية مطلقة مرتكزة أساسا على قول أنظف البشر «والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها».
علاج الكي، الذي أعلنته الحكومة السودانية قبل أيام، زاد احتقان الشارع احتقانا.. وزاد السخط العام.. ذلك ببساطة لأنه يسعر الأسواق السعرانة أصلا، بعد الزيادة الكبيرة في أسعار المحروقات.
في السودان احتقان.. وليست في كل مرة تنفع حالة الاستعداد الأمني مائة في المائة، لمواجهة الاحتقانات، بسبب السياسات التي تجعل من سبل كسب العيش الحلال، ضربا من عاشر المستحيلات!

بقلم : هاشم كرار
copy short url   نسخ
07/11/2016
1155