+ A
A -
إن أكثر الأمور التي تثير بي حساسية عميقة تجاه مفاهيم العلاقات الإنسانية، هي في عدم قدرة البعض على مواجهة الآخرين، واستبدال ذلك في الغيبة والثرثرة عن الأزمة أو الموضوع العالق مع أطراف أخرى من دون مواجهة الشخص ذاته، ليس هذا فحسب بل بات الكثيرون يلجأون إلى طرق أخرى، للتخفيف عن أعباء مشاعرهم وأحزانهم المقلقة، كاستخدام مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، لبث التلميحات والإشارات لعلها تصل إلى المعني إليهم، غير مدركين بأن مثل هذه التلميحات، والتي في الغالب تكون غير واضحة المعالم، تصل إلى متابعيهم بطريقة خاطئة، أما المقصودون بمثل هذه الإشارات و«النغزات» لا يعتقدون بأنها تخصهم.
لدي قريبات وصديقات وزملاء على «السناب شات» و«الواتس آب»، وأفهم مضامين رسائلهم بشكل جيد، تلك التي يعمدون على نشرها ما أن يمروا في مشكلة أو أزمة مع طرف آخر، في الحقيقة الرسائل والإشارات و«الحلطمة» وغيرها، تبدو مزعجة لنا نحن المتابعين، رغم أنها مجرد تفريغ عاطفي مؤقت لمشاعرهم، ويعود ذلك كما سبق وأن أشرت إلى عدم قدرتهم على المواجهة، والخوف مما يحدث بعد المواجهة، لكني أود أن أقول ليس فقط لقريباتي أو من هم وهن في دائرة حياتي، وإنما هذه الرسالة موجهه للجميع، طريقة استخدام الرسائل المكتوبة أو المصورة عبر قنوات التواصل الاجتماعي، ليست صحية وفي ذات الوقت ليست ذكية أبداً، إذا كنت تشعر بالحساسية الشديدة وتدرك أنك مرهف الحس، ولا تمتلك القدرة على مواجهة من آذاك في مشاعرك، أو لم يتفهم حقيقة موقفك من حادثة ما، فعليك أولاً وقبل كل شيء أن تعيد ترتيب أوراقك الشخصية، أن تواجهه مخاوفك، أن تنظر إلى الداخل وتعيد تنظيم وفهم ما يقلقك بشكل مستمر ودائم، وكما يقول مدربو التنمية الذاتية والمهتمون برفع الوعي الذاتي، أن على الإنسان أن يفكر دوماً بسلامه وأمنه الداخلي، وألا يتوقف طويلاً أمام العراقيل، وأن يتعلم عدم التصادم مع مثيري الأذى النفسي عبر قانون التسليم، وهذا القانون لا يعني أنك تتخلى عن أهدافك، وإنما لا تزال تضمرها في الداخل، ولكنك تتخلى عن التوقيت فقط ليس إلا.
لا تضيّع عزيزي القارئ وقتك في الصراع مع الآخرين، في ذات الوقت لا تشغل نفسك في بث التلميحات لهم، يمكنك مواجهتهم بعد أن تكون قد تأكدت بأن مثل هذه المواجهات، تثمر عن شعور بارتياح عميق بداخلك، وتذكر أن الآخرين الذين يتابعونك لا دخل لهم بمشاكلك، فإما أن تقول مشكلتك بصراحة ووضوح، وإما أن تتشارك بها مع شخص تثق به، لكن التلميحات والإشارات و«النغزات» لا يمكن أن تغني عن المواجهة، فهي لا تصل كما ينبغي وتُفهم بشكل خاطئ، ويخطر بذهني أغنية محمد عبده «لا.. لا تردين الرسايل وش أسوي بالورق»، أي بعد الأسى إعادة الرسائل لا ترتق الجروح العميقة!
بقلم : سارة مطر
copy short url   نسخ
06/11/2016
3963