+ A
A -
- 1 -

في أيام عزاء الوالدة لها الرحمة والمغفرة، سألتُ الباشمهندس إبراهيم محمود مساعد رئيس الجمهورية السوداني ونائب رئيس حزب المؤتمر الوطني الحزب الحاكم، عن موقف حزبهم من مقترح اختيار رئيس وزراء في الفترة القادمة.

أجابني أن المقترح لا يزال خاضعاً للنقاش، وأنهم من حيث المبدأ لا يمانعون في ذلك، بشرط عدم الإخلال أو المساس بطبيعة النظام الرئاسي القائم عليه دستور السودان.

- 2 -

أتفهَّم طبيعة ومنطلقات هذا الشرط، وكثيرون يرونه يتناسب مع طبيعة الأوضاع التي لا تحتمل تنازعاً بين السلطات.

في المقابل، من المُهمِّ التَّعامل مع هذه المرحلة من الحكم بطريقة مختلفة عن ما سبق، وعبر تغييرات أساسية وشكلية، تُعطي لمشروع الحوار الوطني قيمةً أكبر مما هو متاح الآن.

كل المؤشرات تقول إن مسارات الحوار التي تمضي للنهايات، ليس من المتوقع أن تُحدث اختراقاً كبيراً في التفاوض مع الحركات المسلحة المتمردة على سلطة الخرطوم على الأقلِّ في المدى القريب.

- 3 -

من هنا تصبح الحاجة مُلحَّة لمُتغيِّرٍ في شكل الحُكم يدعم مشروع إصلاح الدولة السودانية.

المتابع المُنصف، يلحظ أن مشروع إصلاح الدولة الذي يُشرف عليه النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق أول بكري حسن صالح، قطع خطواتٍ مهمةً في مسيرة الإصلاح، خاصةً في وزارة العدل، وهي الوزارة المعنية في الأساس بسيادة حكم القانون على الجميع.

- 4 -

من هذه المتغيرات المطلوبة الآن، الاحتفاظ بالنظام الرئاسي، مع استحداث منصب رئيس وزراء، بصلاحيات موسعة في الجهاز التنفيذي، ولكن تحت سلطة رئيس الجمهورية.

الرئيس عمر البشير عليه أعباء ومهام أكبر من المتابعة التنفيذية لشؤون الدولة، لذا واجبه الأكبر في الفترة القادمة، هو ترتيب الأوضاع بصورة تُحقِّق الاستقرار، وتُنهي الحروبات، وتُؤسِّس لانتقال سلس للسلطة، بعد انتهاء دورته الراهنة، مما يُمثِّل حسن خاتمة سياسية له.

من الضرورة إتاحة الفرصة للرئيس البشير، للتركيز في قضايا ومشاريع استراتيجية، مُتجاوزة للمشاغل اليومية داخل دائرة شؤون الحكم.

- 5 -

من مصلحة المؤتمر الوطني، أن يُحدث تغييرات على مستوى الجهاز التنفيذي ونظام الحكم، حتى يعطي أملاً لتجاوز كثير من الأزمات القائمة، ويفتح الباب أمام كثير من الفرص القادمة، ولا يهزم مصداقية مشروع الإصلاح والتجديد.

ربما أهم متغير يمكن أن يحقق ذلك، هو الاقتراب من النظام المُختلط، بإدخال منصب رئيس الوزراء لإدارة الجهاز التنفيذي.

- 6 -

تُعدُّ فرنسا من النماذج التاريخية لهذا النظام، منذ أن قام الرئيس الفرنسي شارل ديجول، بتأسيس الجمهورية الخامسة عام 1958، ووضع دستوراً جديداً جمع بين مميزات النظامين الرئاسي والبرلماني.

يُعتبر الرئيس هو قائد الجيوش، ويرأس المجالس واللجان العليا للدفاع الوطني، ويقوم بتعيين الموظفين الكبار المدنيين والعسكريين، وله الحق في تفويض هذا الاختصاص. ويؤدي الرئيس الدور الأهم في صنع السياسة الخارجية.



بقلم : ضياء الدين بلال

copy short url   نسخ
06/03/2016
920