+ A
A -
لأن الإنكار لم يعد مجديا، فالواقع يكذبه، ولأن الحديث عن المؤامرات الكونية، أصبح بلا معنى، ولا ينطلي على أحد، بدأنا في الوصفة أو الحيلة الثالثة، وهي تحميل الشعب المسؤولية، وإنه هو المشكلة.
ولأن الأمور لا تأتي صدفة في الإعلام المصري، وقد تم التوجه أو التوجيه– لا فرق– على تعليق أي مشكلة في رقبة الشعب، فالحديث أصبح متواترا في الصحف والفضائيات، عن هذا الشعب الفاسد، الكسول، كثير الشكوى، قليل العمل، وصولا إلى أنه «شعب غلط» كما اتحفتنا إحدى الكاتبات، وهو سبق في الكتابة والتحليل، يضاف إلى إنجازها المدوي «اغمز بعينك».
تحميل الشعب المسؤولية، أصبح استراتيجية إعلامية ورسمية، مفادها أن عليه أن يساهم ويتحمل، ويتقشف لدرجة أن تهتف مدرسة ويردد وراءها تلاميذها «حنستغنى عن الشيكولاته والعسلية علشان مصر تبقى قوية».. وصلت للشيكولاتة والعسلية!.
بالطبع في إطار استراتيجية «الاستغناء عن الشيكولاتة والعسلية»، على الشعب ألا يجأر بشكوى، مهما ارتفعت الأسعار وساءت أحواله، ولا يتجرأ بنقد، مهما عانى من فشل، أو شاهد من سفه، وإلا فمخيمات المهاجرين بانتظاره، كما هدد وزير بالحكومة.
بعيدا عن سخف الاستغناء عن الشيكولاتة والعسلية! وادعاءً للموضوعية، حاولت الابتعاد عن الانتصار للشعب، بدون مناقشة، فسألت عما قدمه الشعب للحكومة- رغم أن السؤال لابد أن يكون معكوسا- فأسعفني أحد المبدعين الفيسبوكيين، وما اكثرهم، بهذه القائمة من عطايا الشعب التي أنقلها بقليل من التصرف:
«تعالَ نشوف الشعب عمل إيه
انزل فوضني.. حاضر
انزل انتخبني.. حاضر
انزل وافق على الدستور.. حاضر
انزل هاتلي 64 مليار للقناة.. حاضر
انزل اتبرع لتحيا مصر.. حاضر
هانخفّض الدعم.. ماشي
أسعار الكهرباء ارتفعت.. ماشي
الميه كمان.. ماشي
البنزين قبل كده.. ماشي
ضريبة قيمة مضافة.. ماشي
السلع الغذائية الضعف.. ماشي
اشترِ المنتج المصري.. حاضر
هنزود مصاريف تعليم العيال.. حاضر
استهلك بلا تبذير.. حاضر
هنرفع رواتب الجماعة إياهم فقط.. ومالوا
هنزود رسوم الجواز والطلاق والدفن.. اتفضل
هنحط رسوم على تذاكر السفر.. اتفضل
خلوا بالكو من أهل الشر.. حاضر
أسعار الدهب هتغلى.. بلاها شبكة عشان مصر
سعر الدولار وصل الضعف.. ماشي
هنعوِّم الجنيه.. مفيش في إيدينا حاجة
مش لازم تحلّوا بالسكر.. ماشي
مش لازم تعملوا محشي.. حاضر
ما تاكلوش.. حاضر
ما تناموش.. حاضر
مفيش، معنديش، ما تسألنيش.. حاضر
ممكن الشرفاء من الإعلام والمسؤولين يفهمونا الشعب قصّر في إيه؟
وعزة جلال الله.. المصريين دول صبروا عليكم بلا حدود.. مش تقولوا شكرا للمصريين، واللّا بعد كل ده نشتمهم، ونقول العيب فيهم؟!!
واللي يتكلم ويقول آآي، يبقى خاين وعميل».
بقلم : محمود عيسى
copy short url   نسخ
30/10/2016
1711