+ A
A -
في تصريحات ملفتة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال انه يعتبر أن إدارة الرئيس الاميركي باراك أوباما تفتعل الازمات مع موسكو كوسيلة للتغطية على أزمات داخلية، هذه التصريحات تأتي في سياق الحرب الكلامية بين الطرفين بعد فشل التنسيق بين الطرفين حول الهدنة الإنسانية في شمال سوريا وفي حلب تحديداً يتجلى الانفراد الروسي بإدارة الملف السوري وعزل الولايات المتحدة عبر أدوات متعددة منها الاستخدام لحق الفيتو خمس مرات من العام 2012، وكذلك فرض ارادتها العسكرية في سوريا تحت ذريعة مطالبة النظام السوري لروسيا بالتدخل لمساعدته في ما يسميه بالحرب على الجماعات الإرهابية.
الاختلاف بين واشنطن وموسكو حول الملف السوري لا يمثل الا رأس الجبل في خلافات الطرفين، روسيا بوتين ترى أن لديها دَينا قديماً يتمثل في خسارة الكثير من المصالح الروسية بسبب الدور الاميركي، من هذه الملفات الاختلاف حول «الثورة البرتقالية» في أوكرانيا، وكذلك الانتقاد المتواصل من قبل واشنطن لملف حقوق الإنسان الديمقراطية في روسيا.
بالطبع الذاكرة الروسية تذهب إلى أبعد من ذلك من حيث الحرب على العراق في العام 1991 وكذلك الحرب في العام 2003 حيث تعتبر موسكو أن واشنطن اختطفت قرار مؤسسات الامم المتحدة ومنها مجلس الأمن وشنت تلك الحروب تحت مظلة شرعية الامم المتحدة، وفي هذا السياق تعتبر روسيا أن واشنطن كررت نفس السياسة في ليبيا في العام 2011.
في سياق متصل لا تعتبر روسيا نظرياً الاتفاق النووي بين إيران والمجتمع الدولي يصب في مصلحتها على المدى البعيد، لقد احتوت روسيا إيران خلال اكثر من عقدين، كما أن إيران كانت بحاجة ماسة إلى روسيا. لكن العودة التدريجية لإيران إلى دائرة المجتمع الدولي بنفطها وغازها الطبيعي ستشكل منافسة كبيرة لروسيا، إضافة إلى ذلك فإن إيران قد تنوع في شراكاتها الاقتصادية التي كانت منحصرة إلى حد كبير في الشراكة مع روسيا والصين.
لا يبدو أن روسيا راغبة على المدى البعيد في أن تقطف أي دولة أخرى ثمار الدور السياسي والعسكري الذي تقوم فيه في سوريا بما في ذلك إيران، مثل هذا الامر يدفع إيران إلى موازنة علاقاتها مع الغرب لتقليل أرباح روسيا في سوريا مما قد يحسن من مصالح إيران في سوريا ما بعد نظام الأسد.
استمرار المناكفات السياسية بين موسكو وواشنطن واستخدام الولايات المتحدة لوسائل اكثر خشونة سياسياً نحو روسيا مثل فرض مزيد من العقوبات الاقتصادية سيعزز من مناخ الخصومة وسيدفع إلى تشدد من كلا الطرفين في مواقفهما. بالطبع لا يمكن انكار القدر من الضبابية لا سيما في ما يتعلق بالرئيس القادم في الولايات المتحدة والسياسة التي سينتهجها نحو روسيا.
تلعب واشنطن وموسكو أدوار القوى العظمى في وقت يبدو فيه ان المشهد السياسي الدولي يتغير بتسارع كبير، هذا التغير يشمل انضمام قوى لديها بعض أدوات القوى الكبرى لا سيما في مشهد الجغرافيا السياسية الذي تنتمي له، ويمكنها عبر أي مستوى من التدخل أن تغير في خريطة التغيرات الدولية، هذا الامر ينطبق على الصين وعلى تركيا.
خلال العقدين الماضيين أثبتت التطورات في مناطق متعددة كافريقيا وأفغانستان والعراق وسوريا أن القوى الكبرى تنجح بتفوق في التدمير فقط، مثل هذا الامر يعطي مؤشرا سلبيا على استمرار تدخلات تلك الدول لن تأتي بالأمن ولا السلام، كما أنه يثبت أن المصالح الخاصة بتلك الدول تقودها دون أي اعتبارات لأي قيم يتم الزعم بها. في هذا السياق فإن خريف العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة مرشح لأن يستمر، والامر المؤسف أن من يدفع ثمن ذلك الخريف في الغالب سوريون وعراقيون من المفترض انهم يعيشون في مدنهم!!

بقلم : محجوب الزويري
copy short url   نسخ
19/10/2016
3106