+ A
A -
ذات مرة زارتني صديقة ومعها طفلها الذي تشبث بعد انتهاء الزيارة بلعبة جديدة ابتعتها لطفلتي التي تماثله في العمر قبل أيام، بكت طفلتي وبكى الطفل، وطال وقوفنا عند الباب..انا وتلك الصديقة التي كانت تنتظر مني تصرفا ما.. لصالح طفلها على الاغلب، لا أدري كم مر من الوقت قبل أن احسم الموقف لصالح صغيرتي مع وعد مني بأن أشتري له لعبة مماثلة في أقرب فرصة، وخرجت الام وهي تحمل طفلها الباكي دون ان تبذل جهدا في إخفاء غضبها..أو تلتفت نحوي.. كما لم ترد على اتصالاتي فيما بعد، ولم أرها إلا بعد مرور سنوات وكان لقاء فاترا شبيها بلقاء الغرباء، وتروي حفيدة الشيخ الفاضل رحمه الله «علي الطنطاوي» واقعة مماثلة حدثت معها حين كانت طفلة تعلمت منها أن التردد في حسم هذه الامور التي قد تبدو تافهة.. يترك آثارا سلبية مدمرة في نفوس الاطفال تكبر معهم كلما كبروا، إذ يشعرون ان ذويهم تهاونوا في حقوقهم ولم يقفوا معهم وقفة حق، تقول الحفيدة: «كانت الشام «سوريا» التي نشأنا فيها تفتقر إلى أكثر المنتجات والبضائع الجديدة، وكان الكبار من أهلنا إذا سافروا إلى بيروت جاؤونا بما يفرحنا من تلك الاشياء، وذات مرة أحضروا لنا هدايا على شكل علب من الورق المقوى مصممة على شكل حقائب جميلة بداخلها قطع صغيرة من الحلوى اللذيذة، وبالصدفة كنا نستقبل بعض الاقارب في ذلك اليوم ومعهم أطفالهم، وحصل كل واحد منهم على علبة من تلك العلب، ولان أهلنا عودونا على ان نكون كرماء فقد فتح كل واحد منا نحن الاحفاد علبته ورحنا ندور على الموجودين، داعينهم لتذوق تلك المسرات، وسر اولادهم بذلك، وبدأوا يلتقطون الحلوى دون ان يعترض احد على تصرفهم، وقد أزعجنا هذا التصرف، فهم قد احتفظوا بحلواهم في العلب المغلقة الخاصة بهم وغاروا على الحلوى الخاصة بنا، ولم نكن نملك الجرأة للاعتراض، فسكتنا مرغمين والغيظ يملأ صدورنا امام شراهة وطمع اولئك الصغار ولا مبالاة أهلهم، جدي كان جالسا في الغرفة ذاتها يرحب بالحاضرين ويستمع اليهم، ولم يفته ملاحظة ما يحدث، وتعجب من تجاهل أقربائنا تصرفات ابنائهم وبناتهم التي تدل على الانانية، فما كان منه إلا ان وقف وجمع الحلوى من أيادي اولادهم وجيوبهم وأعادها لنا كاملة، وقال لأهلهم بكل صراحة ووضوح أنه فعل ذلك ليعلم اولادهم بشكل مباشر ان ما فعلوه يدل على البخل والطمع، والأثرة التي لا يرضى عنها الله، إن تصرفا كهذا قد يكون مألوفا من الاطفال لذلك وجب على الاهل تقويمهم وتنبيههم بأنه تصرف خاطئ، والإحجام عن التوجيه والتنبيه يجعل السلوك العفوي طبعا أصيلا يصعب التخلص منه مستقبلا... وبخلاف صديقتي التي لم تعد كذلك، تقبل أقارب الشيخ الجليل النقد بصدر رحب ولم يغضبوا من تصرفه وصراحته، لأنه وببساطه التصرف السليم.

بقلم : وداد الكواري
copy short url   نسخ
10/10/2016
1769