+ A
A -
الفترة من الثامن والعشرين من سبتمبر، واحد من المواسم السنوية، لاستذكار سيرة الرئيس الراحل، جمال عبدالناصر. فهذا اليوم يوافق تاريخ وفاته، وهي فرصة للحديث حول الرجل، تمتد حتى السادس من أكتوبر. وكالعادة منذ أكثر من خمسة وأربعين عاما، ينقسم الكتاب وانضم إليهم الآن، المدونون والمغردون، سواء في هذه المناسبة، أو في ذكرى يوليو 1952، بشأن الرئيس الراحل. فهو بالنسبة لأنصاره ومحبيه، زعيم خالد، وقائد ملهم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وإن كان ثمة سلبيات لفترة حكمة الطويلة، هوّنوا منها، حتى وإن كانت بحجم هزيمة 67 الكارثية، وعزوها إلى المؤامرات الدولية، ونسبوها إلى المحيطين به، الذين هم بالطبع أقل منه كفاءة وتعوزهم الحكمة والوطنية اللتان يتمتع بهما، بل أنهم ينسبون إليه نصر أكتوبر، الذي حدث بعد رحيله بثلاثة أعوام.
بينما هو بالنسبة لكارهيه، سبب كل الرزايا التي مرت بالعالم العربي، والتي مازالت آثارها مستمرة ومتواصلة ومؤثرة، حتى يوم الناس هذا.
ولأننا لم نعتد على فترات رئاسية محددة المدة، ورئيس ذي برنامج واضح يحاسبه الشعب على إنجازه له، أو إخفاقه في تحقيقه، فليس أمامنا إلا الاجتهاد، في وضع قاعدة واضحة للحساب الإجمالي، بعيدا عن الانزلاق إلى التفاصيل التي يسكنها الشيطان دائما. وإذا كان الحديث النبوي الشريف، يقول «لا تَزُولُ قَدَمَا الْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاهُ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ». ومع الاعتراف بالبشرية الخطاءة، وتعقيدات الواقع، والتقاطعات والتداخلات بين الداخل والخارج، فإن الرئيس – أي رئيس – يجب ألا تزول قدمه سواء من الرئاسة، أو من الحياة، حتى يسأل عن ثلاثة ملفات أساسية، وما أنجزه فيها خلال سنوات حكمه. أولها يتعلق بالنمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية، والثاني يختص بتداول السلطة وحال الحقوق والحريات خلال فترة / فترات، ولايته، والثالث يسأل فيه عن وحدة الوطن وسلامة أراضيه. وفي تقديري الشخصي، فإن درجات، أو معدل أي رئيس يتم تقسيمها على هذه الملفات الأساسية بالتساوي، فإذا افترضنا أن الدرجة من مائة، وطبقنا هذه القاعدة على الرئيس عبدالناصر، رحمه الله، فلاشك أنه قد يحصل على العلامة الكاملة في نصف الملف الأول، وهو العدالة الاجتماعية.. فماذا إذن عن الملفين الثاني والثالث؟.. في ملف تداول السلطة والحقوق والحريات، أتصور أن حالته، غنية عن التوضيح والتبيين، ومذكرات رفاق يوليو 1952، من أمثال خالد محيي الدين، فيها ما يجيب عن السؤال. أما سلامة أراضي الوطن، فقبل الإجابة لابد أن نسأل عما إذا كان المقصود بالوطن هو مصر، التي احتلت منها سيناء، أم الوطن العربي الذي ضاعت من قطره السوري الجولان، أم المقصود هو الوطن الإسلامي، الذي فقد القدس والمسجد الأقصى في فلسطين؟!
بقلم : محمود عيسى
copy short url   نسخ
09/10/2016
1456