+ A
A -
أصابتني الصدمة والذهول حينما شاهدت الأمين العام للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين ونائب المرشد العام إبراهيم منير يعترف ببساطة شديدة في الحلقتين الثالثة عشرة والرابعة عشرة من برنامج «مراجعات» الذي يقدمه الزميل عزام التميمي على قناة الحوار أنه استخدم من قبل ضابطا كبيرا في المباحث العامة «أمن الدولة» خلال الستينيات من القرن الماضي، وتحديدا قبل محنة العام 1965 وكان يكلف بكتابة التقارير والإجابة عن التساؤلات التي يريدونها وشرح لهم كتاب «معالم في الطريق» للشهيد سيد قطب بعدما صدر لأمن الدولة.
وحسب اعترافات ابراهيم منير فإن علاقته توطدت بأمن الدولة عبر الضابط الذي جنده حتى أنهم من كثرة استفادتهم منه كمصدر رئيسي من داخل الإخوان طلبوا منه التفرغ لهم على أن يمنحوه المال وألا يهتم بدراسته وسوف يرتبون نجاحه، وأنه كان يقول لهم في الآراء والتقارير التي كان يكتبها انها تعبر عن رأي الإخوان، ولثقتهم الشديدة فيه وعمق العلاقة معهم - كما وصفها- طلب حسن ابوباشا الذي اصبح وزيرا للداخلية وكان رئيسا للمباحث العامة «أمن الدولة» آنذاك أن يلتقي بإبراهيم منير ليتعرف بنفسه على هذا المصدر الثري بالمعلومات والتقارير وبالفعل جمعه ضابط أمن الدولة، مع حسن أبوباشا ولثقتهم الشديدة به أخبروه عن حملة الاعتقالات والمداهمات التي ستجرى لبيوت بعض الإخوان في العام 1965 دون غيره، وأكرموه بأن اعتقلوه نهارا وليس من خلال المداهمات الليلية مثل باقي الإخوان، وحينما قبضوا عليه أخذوه معززا مكرما إلى سجن القلعة، ووضعوه آمنا في زنزانة خاصة
دون أن يتعرض لأي تعذيب أو أذى، بينما كانت أصوات إخوانه تأتيه من الزنازين المجاورة طوال الليل وهم يتعرضون للتعذيب، ولا أدري لماذا لم يسأله عزام عن استمرار صلته برجل أمن الدولة الذي كان يوظفه في السجن أم لا وماهي طبيعة التقارير التي كان يعدها عن الإخوان من داخل السجن، لأن المعهود والمتعارف عليه مع العملاء أنهم يقبضون عليهم ويضعونهم في السجون مع الإخوان حتى يستمروا في كتابة التقارير والإبلاغ عما يحدث داخل السجون وفي نفس الوقت استمرار خداع الإخوان بهم أنهم معتقلون مثلهم.
ما صدمني في حديث إبراهيم منير في الحلقة الثالثة عشرة هو دفاعه المستميت عن جهاز أمن الدولة في الستينيات وتحميله مسؤولية ما جرى للإخوان لمكتب المشير عبد الحكيم عامر ومديره شمس بدران، وكان يتحدث عن أمن الدولة لاسيما الضابط الذي جنده وكان يصفه دائما بـ«الرجل» ويتحدث عنه بإعجاب كما كان يتحدث بقناعة تامة بهم بطريقة لا يقولها حر أيا كان عن جهاز أمن لم ير منه المصريون سوى التعذيب والسجون والمعتقلات والإهانة لآدميتهم وإنسانيتهم والعجيب أنه كرر في أكثر من موضع عبارة «الذي قام بهذه الحملة هو مكتب المشير وأنا أشهد أن أمن الدولة كان ضدها تماما».
أعدت مشاهدة ما سمعت عدة مرات وأنا بين الصدمة والذهول وقلت يا إلهي الناس حينما تبتلى تستتر بالبلاء، وإبراهيم منير رجل بلغ الثمانين وهو مستور لا يعلم الإخوان عنه شيئا من هذه الترهات وإن عرفها بعضهم وصمت عنها فلماذا يقولها الآن على الملأ؟ لاسيما وأن الإخوان ينزلونه منزلة رفيعة حيث يتصدر في جماعة الإخوان المسلمين منصبين كل منهما أخطر من الآخر الأول هو أنه الأمين العام للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين منذ تأسيسه في ثمانينيات القرن الماضي أي قبل أكثر من ثلاثين عاما، الثاني أنه أعلن مؤخرا أن المرشد المختفي الدكتور محمود عزت كلفه بمهام المرشد ثم خرجت جماعة عزت ببيان تؤكد فيه أنه نائب المرشد، من يتابع الكلام ويدقق فيه كما دققت يجد أن إبراهيم منير مهما برر من أسباب أو دفاعات فإنه كان جند من أمن الدولة ومن المعروف أن العميل يظل في فسحة حتى يكتب التقارير فإن كتب التقارير أصبح عميلا رسميا كما أن كلامه مهزوز ومرتعش ومتناقض لأنه حمل مكتب المشير المسؤولية ثم في نفس الوقت قال إن أمن الدولة أطلعوه على الاعتقالات والأسماء وأكرموه بالاعتقال نهارا وزنزانة خاصة وعدم التعذيب ولأنه مصدر هام فمن المؤكد أنهم لم يتخلوا عنه ربما إلى الآن والله أعلم، فالسقوط في هذا الدرك ليس له قاع ولدينا عدة نماذج في مصر آخرها محمد حبيب نائب المرشد السابق الذي كانت لديه كل تفاصيل ما يجرى داخل الإخوان وكمال الهلباوي الناطق الرسمي باسم التنظيم الدولي الذي لعب إبراهيم منير دورا في تعيينه ثم اختلف معه من بعد.
بقلم : أحمد منصور
copy short url   نسخ
09/10/2016
4381