+ A
A -
إذا كانت البنى الاجتماعية في المجتمع أعجز عن التعبير عن ذاتها أمام المجتمع، فإننا أمام تحولات لايمكن التنبؤ بمسارها وشكلها، ناهيك عن أنه اساسا ومن المفروض أن تكون الدولة تمظهرا توافقيا لطبيعة هذه البنى الاجتماعية، وهو ما يبرز اليوم أو في طريقة للبروز رغم المعاناة ولو بعد حين في بلدان الثورات العربية القائمة الآن. في الدول العربية التقليدية التي لم تصلها الثورات، البنى الاجتماعية لا تشكل الدولة وانما تختفي تحت عباءتها، والدولة ذاتها بنية اجتماعية مسيطرة تحت مسمى دولة. البنى الاجتماعية المسيطرة في المجتمعات التقليدية هي محصلة تاريخية لالتقاء القوة بالفرصة التاريخية. تصبح البنية الاجتماعية عائقا للتطور اذا لم تعبر عن ذاتها بشكل مستقل وذاتي. وهي سواء كانت طبقة، أو طائفة أو قبيلة أو جماعة، في حالة استلابها سياسيا أو دينيا أو جهويا كما مشاهد في مجتمعاتنا التقليدية، عنصر استقرار، أما في حالة تمردها ونشوزها على الاستلاب بأنواعه المذكورة فتصبح مشروع تغيير راديكاليا، طبقة الشباب المنهك، هو من أشعل ثورتي تونس ومصر، والطبقة والقبيلة أساسها التمرد في اليمن، وفي سوريا الطبقة والطوائف الاخرى. تستكين البنى الاجتماعية لمدد طويلة ولكن التعبير عن ذاتها هو محور التطور للوطن وأول مهام صناعة الدولة المدنية. عالمنا العربي يعايش اليوم نهوض هذه البنى الاجتماعية فيه بدورها التاريخي. على الدولة أن تكون من الاتساع لتحركات هذه البنى لأن الصدام كما نرى محسوم لها ولنضالها ومطالبها، بدون ذلك هي ليست دولة،بل شكل من التعالي فوق المجتمع، يشكل إكراها وليس قبولا أوتراضيا، كما على البنية الاجتماعية أن تتخلص من علاتها حتى تتمكن من أدائها لدورها المرتقب وفي مقدمة هذا الدور التعبير سلميا عن ذاتها ومطالبها، فالملاحظ في مجتمعاتنا أن هذه البنى الاجتماعية بنى التحاقية وليست ذاتية الوجود والمطلب، فالقبيلة مدمجة في النظام والطائفة ملحقة بالدين والمراجع الدينية، والطبقة صنيعة الدولة أو النظام. هنا يظهر عدم قدرة هذه البنى على صياغة متطلباتها بشكل شمولي فإما تكلفة اعادة صياغة وبناء الدولة كما هو مشهود اليوم في بعض بلداننا، واما بقاؤها مستلبة لهذه النخب. والامعان في التأجيل ليس أكثر. الأنظمة تصر على بقاء هذه البنى الاجتماعية مفرغة من المحتوى لزوم بقائها أي الدولة أو النظام بالاحرى، فالذي نعايشه حقيقة ليست السياسة بمعناها الحقيقي الذي نعايشه لا يتعدى كونه عملية اخضاع ودمج، هذا ما ثارت عليه مجتمعاتنا العربية، رغم وجود «الاحزاب» السياسية، والكتاب الأخضر، بل والدين واستخداماته السياسية في تحريك هنا وفي التثبيت هناك.
بقلم : عبدالعزيز الخاطر
بقلم : عبدالعزيز الخاطر