+ A
A -
أن أفضل نصيحة ممكن ان يتلقاها أي امرئ لديه طموح من أي نوع هي تلك التي قالها الكاتب الأميركي الساخر مارك توين لصديق موهوب: «ابتعد عن اولئك الذين يحاولون الاستخفاف بطموحك، انهم صغار الناس، أما العظام حقا فيجعلونك تشعر بأنك أنت ايضا يمكن أن تصبح عظيما!». وتلقى الاديب الراحل «نجيب محفوظ» حين كان موظفا مغمورا في وزارة الأوقاف نصيحة مماثلة من زميله في نفس العمل أديب الاطفال العملاق «كامل الكيلاني» إذ طلب منه أن يعمل في صمت وألا يبوح لأحد بامتهانه حرفة الكتابة، وإذا سأله أحدهم: هل أنت فلان الذي تنشر له القصص بين حين وآخر؟ عليه أن ينكر وينفي، لقد ذاق كامل الكيلاني الأمرين وشرب السم من زملائه حين اشتهر كأديب، ولم يسلم من التعليقات الجارحة ومن الحقد، وكان حقدهم يصل إلى حد الانفجار عندما تتردد على زيارته في مكتبه الصغير أسماء كبيرة وشخصيات معروفه ووفود من كل مكان تقدر قيمة الفن والفنان.. وكانوا -أي زملاءه- ينادونه بـ«كاتب الأطفال» إمعانا في تحقيره وإذلاله، وعمل نجيب محفوظ بالنصيحة حتى اللحظة التي غادر فيها الوزارة. والغيرة ليست حكرا على الناس العاديين كما يبدو. فحين تم لقاء السحاب بين أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب بأغنية «أنت عمري» قام ثلاثة من أكبر ملحني ذاك العصر - كمال الطويل- وبليغ حمدي-ومحمد الموجي، بمهاجمة موسيقار الأجيال بكتابة مقالات نارية في الصحف المصرية مفادها ان اللحن جاء أقل من المستوى.. وحين سئل الموجي بعد سنوات عن السبب الذي دعاه للتقليل من قيمة الاغنية بالرغم من تميزها ونجاحها الساحق قال ضاحكا وبصراحة شديدة: لا اعرف دوافع بليغ حمدي وكمال الطويل لكنني سأتكلم عن نفسي. حين ظهر لحني الاول الطويل لسيدة الغناء «للصبر حدود» كان بمثابة حلم تحقق، قبلها قمت بتلحين أغان وطنية قصيرة لها وكان هذا اللحن العاطفي الاول الذي حصد نجاحا كبيرا.. وبعد النجاح الجماهيري الكبير وبداية قطف ثمار هذا النجاح تشاء الظروف وبعد شهر واحد فقط ان يظهر لحن أنت عمري. وقد جاء لحنا قويا بذل فيه الموسيقار الكبير جهدا رائعا في اللوازم الموسيقية القوية والجميلة، فغطى نجاحه الجماهيري تماما على نجاح للصبر حدود. ماذا تريدني ان أفعل إزاء وضع كهذا؟ هل أقول لعبد الوهاب شكرا! بالطبع لا.
بقلم : وداد الكواري
copy short url   نسخ
05/10/2016
1143